للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على الدعوة إليه في رسائله التي كان يبعث بها بعد نفيه إلى الأشخاص ذوي النفوذ، وقد حفز الهمم إلى العمل تنازل الحكومة الفارسية لطائفة من الماليين الإنجليز في مارس سنة ١٨٩٠ عن حق احتكار التبغ، فحرمت البلاد موردا من موارد الدخل الهامة لصالح المستغلين الأجانب، فانتهز جمال الدين هذه الفرصة وأرسل من البصرة إلى ميرزا حسن شيرازى شيخ المجتهدين في سامراء رسالة مثيرة نبّه فيها الأذهان إلى أن الحكومة الفارسية تبدد موارد الدولة فتغدقها على أعداء الإسلام، ذلك أن المنح الهامة التي كيلت للأوربيين قد كفلت لهم السيطرة الاقتصادية على البلاد، وياليت الأمر وقف عند هذا الحد، بل إن الحكومة شرعت تسلم لهم باحتكار التبغ في فارس، وقد أشار جمال الدين أيضًا إلى سوء الحكم في فارس وقسوته، وخاصة حكم على أصغر خان، وقد استكثر من الضرب على النغمة الدينية لإثارة هذا الشيخ الدينى الكبير وزملائه وحملهم على التدخل باسم الدين تدخلا حاسما (وهذه الرسالة منشورة في المنار، جـ ١٠، ص ٢٨٠ وما بعدها، ومترجمة إلى الإنجليزية في Browne: كتابه المذكور آنفا، ص ١٥ - ٢١)، وكانت النتيجة المباشرة لسعى جمال الدين أن أفتى المجتهد بتحريم تدخين التبغ على كل مؤمن ما لم تبطل الحكومة اتفاقها الخاص بالتبغ. واضطرت الحكومة إزاء مناهضة الشعب لهذا الاتفاق إلى إلغائه، ودفع تعويض كبير لأصحاب الامتياز، وكان من أثر تهييج جمال الدين للخواطر أيضًا أن اتسع نطاق حركة الإصلاح سريعًا، وظاهرتها الأوساط الدينية في فارس، وأدى تهييجه كذلك إلى قتل الشاه ميرزا محمد رضا بيد تلميذ من تلاميذ جمال الدين في الحادي عشر من مارس سنة ١٨٩٩.

وأقام السيد في لندن فترة قصيرة (١٨٩٢ م) كان نشاطه السياسي في أثنائها جمًا، وقد بلغته آنئذ دعوة مكتوبة من السلطان عبد الحميد على يد السفير التركى في لندن رسم باشا يطلب إليه فيها الاستقرار في الاستانة ضيفًا عليه، فقبل جمال الدين دعوة