للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كانت نهاية الحاكم عجيبة على نحو ما كانت حياته، ولعل من المستحيل أن نعرف كيف كانت هذه النهاية. ففى ٢٧ شوال سنة ٤١١ هـ (١٣ فبراير سنة ١٠٢١ م) اختفى وهو يتمشى ليلا فوق تلال المقطم وعلى الهضبة التى تؤدى إلى حُلوان، ذلك أنَّه ابتعد فى تمشيه عن تابعيه اللذين كانا يصحبانه وكان قد أمرهما بانتظاره. ولم يرياه بعد وعادا إلى القصر فى صبيحة اليوم التالى. وأجرى البحث فى ذلك ووجدت ملابسه بعد خمسة أيام وقد نفذت فيها طعنات خنجر - وثمة رواية ممدوحة تقول إنه اغتيل بتحريض أخته ست الملك التى كانت قد دبت بينه وبينها وحشة: ذلك أن ست الملك كانت قد أنبّته على شططه فى خلقه وقالت إن هذا الشطط كان يهدد بقاء الأسرة، فى حين أنب هو أخته على أسلوبها الفاسد فى الحياة. وخشيت ست الملك أن يأمر الحاكم بقتلها، فسبقته ودبرت مع شيخ كُتامة سيف الدولة بن دَوّاس أمر وجوب اختفاء الحاكم. وقد راجت عدة روايات فى هذا الشأن، ليس فيها ما يصح الاعتماد عليه، فقد قيل إنه اغتيل على يد مغتال غير معروف، ويقال إنه إلتجأ إلى دير ينهى فيه حياته، ويقال ويقال. . . إلخ. ويعتقد الدروز بالغيبة (وهو قول شيعى مشهور) التى تستمر حتى رجعته. أما النظرية التى تقول بأن الحاكم توارى لأنه رأى استحالة تحقيق أفكاره فى مصر (A. Mueller) فإنها مجرد فرض من الفروض.

والصورة التى صورناها لعهد الحاكم لا تظهره بصفة عامة فى ضوء مرضى. على أنَّه لا يمكن القول بأن عهده كان عهدًا سيئًا بصفة خاصة بالنسبة لمصر. ذلك أن لهذا العهد وجوهًا أقل كآبة من المعروف.

ففى عهده لم تفقد الأملاك الفاطمية المترامية الأطراف أى أرض، بل إن الحاكم قد اعترف به فى الموصل قرواش العقيلى صاحب الموصل مدة من الزمن سنة ٤٠١ هـ (١٠١٠ - ١٠١١ م). وفى عهده أيضًا حدث سنة ٤٠٦ هـ (١٠١٥ - ١٠١٦ م) أن خضع منصور بن لؤلؤ صاحب حلب للخلافة الفاطمية، وكان على حلب عدة ولاة فاطميين بعد اختفاء الحاكم. صحيح أن