وكلتا الطبعتين حافلتان بالأخطاء)، وهى مجموعة من مائة حديث وستة فى موضوعات فلسفية مختلفة؛ والمتحدث الأول هنا هو أبو سليمان أيضا، ولكنه يظهر فيها أيضا سائر أعضاء الحلقة الفلسفية ببغداد.
والمقابسات والإمتاع والمؤانسة كنزان من كنوز المعرفة عن الحياة العقلية المعاصرة، ولا شك فى أنهما سوف يثبتان قيمتهما التى لا غنى عنها فى تكوين صورة لمذاهب فلاسفة بغداد.
وفى آخر أيام ابى حيان عمد إلى كتبه فأحرقها مبررا ذلك بالإهمال الذى كتب عليه أن يعيش رازحا تحت أثقاله عشرين سنة.
وقد اشتكى مثل هذه الشكوى فى مقدمة رسالته "الصديق والصداقة"(طبعت هى ورسالة صغيرة أخرى فى فائدة العلم بإستانبول سنة ١٣٠١ هـ) التى أتمها سنة ٤٠٠ هـ (١٠٠٩ م).
ويزعم دليل لقرافة شيراز (شد الإزار عن حط الأوزار، ص ١٧) أن قبر ابى حيان التوحيدى (ويجعل هذا الدليل اسمه مع ذلك احمد بن العباس) يشاهد فى شيراز ويحدد وفاته بسنة ٤١٤ هـ (١٠٢٣ م).
و، قد كان أبو حيان من أصحاب الأساليب فى العربية، يعجب بالجاحظ أشد الإعجاب حتى إنه كتب فى مدحه رسالة خاصة هى "تقريظ الجاحظ" (روى منها ياقوت شواهد فى جـ ١، ص ١٢٤, جـ ٣, ص ٨٦, جـ ٤, ص ٥٨، ٦٩، ابن أبى الحديد: شرح نهج البلاغة، جـ ٣، ص ٢٨٢. ورغبة ابى حيان فى تقليد هذا العلم من أعلام النثر العربى واضحة جلية.
وتتجلى عبقرية أبى حيان بأجلى بيان فى تلك الفقرات من كتبه التى يرسم فيها الشخصيات. أما عن عقائده فإنه لم يكن له فيما يبدواى مذهب أصيل، أن لا يخفى تاأثره بمذهب أبى سليمان الأفلاطونى المحدث الذى كان يشترك فيه مع معظم فلاسفة بغداد المعاصرين الآخرين. وقد أظهر أبو حيان مثل غيره من أفراد هذه الحلقة، اهتماما بالتصوف، ولكن هذا الاهتمام لم يبلغ حدا يجعلنا نسلكه فى عداد الصوفية بحق. ويضم كتابه "الإشارات