سفر القضاة، الاصحاح ٢١، الآية ١٩، سفر الملوك الأولى، الإصحاح الثامن الآية ٢ و ٦٥) وسنجد بينهما فى الواقع بعض سمات متشابهة.
اقترنت الأسواق العظيمة التى تقام فى ختام موسم جنى البلح بالحج، ولعل هذه الأسواق كانت أهم شئ عند معاصرى محمد [- صلى الله عليه وسلم -] وظل هذا شأنها عند كثير من المسلمين، ذلك أنَّه حتى فى هذا الوقت كانت الشعائر الدينية قد فقدت أهميتها عند الناس. وإنا لنسوق فى هذا المقام ما يلى: إن الوقوف فى سهل عرفات من أهم مناسك الحج، فالحج بدون الوقوف باطل فى الإِسلام، وإنما يفسر هذا الأمر بأنه أثر لفكرة جاهلية، وقد وازن هوتسما (Houtsma) بين الوقوف وبين إقامة بنى إسرائيل على جبل سيناء. فهؤلاء يعدون أنفسهم لهذه الإقامة بالامتناع عن النساء (سفر الخروج، الإصحاح ١٩، الآية ١٥) وبغسل ثيابهم (سفر الخروج، الإصحاح ١٩ الآية ١٥) وبغسل ثيابهم (سفر الخروج، الإصحاح ١٩ الأية ١٠ و ١٤) وبذلك يقفون أمام الرب (١١ و ١٥) وعلى هذا النحو لا يقرب المسلمون النساء ويرتدون ثياب الإحرام ويقفون أمام الخالق (وقف) فى سفح جبل مقدس.
ويروى أن النبى [- صلى الله عليه وسلم -] قال فى حجة الوداع "عرفات كلها موقف وكله منحر"، وقد قال Snouck Hurgronje إن المقصود من هذه الكلمات أن تفقد هذه الأماكن الخاصة التى كانت تؤدى فيها قبل ذلك الشعائر الوثنية أهميتها، ولا نعرف إلا القليل عن تلك الأماكن فى المزدلفة ومنى.
وليس من المحقق ما إذا كان يوم عرفات هو يوم صوم، وجاء فى الحديث مرارًا وبلهجة التقرير أن صحابة محمَّد [- صلى الله عليه وسلم -] لم يعرفوا رأيه فى هذا الشأن فدعى إلى الشرب فشرب (٢٦)، ولكن اتسام أيام الحج بالتقشف ظاهر مما نهى عنه الإحرام، أما أن هذه النواهى قد امتدت حينًا فشملت الطعام والشراب فبين من