للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المصنفات لم تصل أبدًا فى العالم الإسلامى إلى ما وصلت إليه الصحاح الستة من القيمة وحسن السمعة. بل إن الكتب الأخيرة من الصحاح نفسها لم يقع الإجماع على تقديرها إلا بعد تدرج طويل. ومجموعة ابن ماجة على وجه خاص ظلت موضعًا للريبة وقتًا طويلا لما اشتملت عليه من الأحاديث الضعيفة العديدة.

ومع أن الكتب الستة لها قيمة عظيمة فإنه لم يعتبر من النقائص فى شئ أن يستباح نقد ما ورد فيها من الأحاديث نقدًا حرًا تلك الأحاديث التى لم ينعقد الإجماع على صحتها، وإن كانت واردة فى الكتب الصحاح, ولهذا نجد مثلا أن "الدارقطنى" المتوفى سنة ٣٨٥ هـ = ٩٩٥ م، صنف كتابًا دلل فيه على ضعف مائتى حديث أوردها البخارى ومسلم (١٩) (انظر GoIdziher, المصدر المذكور, جـ ٢ ص ٢٥٧).

وفى عصر متأخر كذلك ظهرت مجموعات للأحاديث صنفها كثير من العلماء، وكانت مؤلفات هؤلاء تهدف بوجه خاص إلى إعداد مجموعات تتفاوت فى شمولها نقلوا فيها عن الكتب الستة وأضافوا إليها أحيانًا المجموعة المشهورة التى صنفها ابن حنبل, ثم رتبوا ذلك كله على طرق مختلفة.

من هذه المصنفات كتاب البغوى المتوفى سنة ٥١٠ هـ = ١١١٦ م، ويسمى "مصابيح السنة" وهو كتاب كان شموله وحسن ترتيبه سببًا فى شهرته بين المسلمين، ويحتوى على نخبة من الأحاديث المستقاة من الكتب القديمة دون ذكر للإسناد، واشتهر على وجه خاص تعليق لولى الدين التبريزى على كتاب البغوى ويسمى "مشكاة المصابيح", والاسم "مشكاة" مأخوذ من القرآن (سورة النور، آية ٣٥).

ونذكر من المصنفات المطولة التى ظهرت فى عصر متأخر كتابين للسيوطى المتوفى سنة ٩١١ هـ = ١٥٠٥ م: أحدهما "جمع الجوامع"، (٢٠) والثانى "الجامع الصغير"، وغاية السيوطى الأولى من هذين الكتابين هى وضع مؤلف شامل للمجموعات