فكان أكثرهم الثقة الصادق، وقليل منهم الضعيف أو المردود الرواية، وهذا علم واسع مفصل فى كتب كبار ودواوين واسعة من درسها وفهمها استيقن واطمأن، وهذه الطبقات الثلاث هى أساس علم الرواية، ومن جاء بعدهم فإنما أخذ عنهم، وفى عصر الطبقة الثالثة بدأ تدوين الحديث تدوينا عامًا فى مؤلفات، كموطأ مالك وهو من أتباع التابعين، من الطبقة الثالثة.
(٤) أما أنه وجد بعض الكذابين الوضاعين الذين افتروا أحاديث على النبى - صلى الله عليه وسلم -، وأما أنه وجد بعض المغفلين الذين دخلت عليهم هذه الأكاذيب فظنوها صحيحة وقبلوها ودخلت الاسرائيليات فظنوها تصلح إيضاحًا تاريخيًا لبعض ما ورد مجملا من أخبار السابقين فى القرآن والسنة الصحيحة، وأما أنه وقعت أغلاط من بعض الرواة الصادقين فى بعض الروايات، أما هذا كله فلا شك فى وقوعه وهو الذى قام علماء الحديث بهذا المجهود الضخم الهائل فى سبيل بنائه. فوزنوا الرجال، ورواة الحديث، بميزان العدل والمعرفة، بحثوا فى سيرتهم الشخصية، فقبلوا من ثبت عندهم أنه عدل لا تشوب سيرته شائبة من خلق ودين أو أمانة وبحثوا رواياتهم ونقدوها، فرفضوا من كثر خطؤه وكثر فى رواياته المخالفة لرواية غيره من الثقات وقارنوا الروايات بعضها ببعض، فرفضوا ما خالف المعقول أو خالف صريح القرآن أو خالف المعلوم من الدين بالضرورة أعنى المتواتر العملى والاعتقادى. ونفوا عن الأحاديث كل ما حاول الوضاعون الكذابون إدخاله عليها، وحفظوا السنة بيضاء نقية، كل هذا كان، ويعرفه المسلمون ويتدارسونه بينهم. وأما الصورة التى تبدو مما قال كاتب المادة أن كل تفصيل فى الأحاديث، من حلال وحرام وطهارة الخ هو من الموضوعات، فإنما هى نفى للسنة جميعها وإبطال لها، وإنما معناها أن رسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل شيئًا ولم يقل شيئًا، إذ أن كل ما روى عنه مكذوب فى ظنه وإنما معناها أن كل المسلمين، من عهد الصحابة فمن بعدهم، كاذبون مفترون على رسولهم، ليس فيهم أمين! وليس على وجه الأرض منصف يقول هذا. ولست أدرى إن قيل