المعروفة، ثم نسب القراءة الشاذة إلى أكثرهم". فجولدسيهر لو عاملناه بما نعامل به رواة الحديث من النقد، بعد أن نغضى عن شروط العدالة المعروفة للعلماء، ونتمسك منها بشرط الصدق وحده، وجدنا أنه ممن لا يجوز قبول نقله فى شئ أصلا، لأن الصدق والأمانة فى الرواية شرط فى قبول ما ينقل الناقل، فإذا ثبت أنه جانب الصدق فى روايته ولو مرة واحدة سقط كل ما يرويه وبطل، لا تقبل له رواية بعد ذلك إلا أن يثبت أنه أخطأ ولم يتعمد الكذب، وجولدسيهر تعمد أن ينسب إلى أكثر القراء غير الحقيقة فى شئ مادى يلمسه كل قارئ، نقله عن كتب مطبوعة فى أيدى الناس، وكان جريئًا جدًا إذ أشار إلى المواضع التى ينقل منها بالجزء والصفحة، ظنًا منه أن القراء يصدقون نقله، فلا يرجعون إلى ما ينقل منه! !
(٧) هذا كلام عجيب! يوهم أن المسلمين أجازوا وضع الأحاديث فى الترغيب والترهيب، وهو ما سماه كاتب المقال "بعض العظات أو التعاليم الخلقية"! ولعل كاتب المقال أتى من ناحية أنه اعتمد فى مقاله على مصادر غير عربية فقط، فلو أنه رجع إلى أى مصدر عربى من كتب الحديث لما قال هذا، وأقرب كتب مصطلح الحديث كتاب (علوم الحديث المعروف بمقدمة ابن الصلاح) فلو رجع إليه لرأى فيه (ص ١٠٠ من طبعة المطبعة العلمية بحلب سنة ١٩٣١ ما نصه: "والواضعون للحديث أصناف، وأعظمهم ضررًا قوم من المنسوبين إلى الزهد وضعوا الحديث احتسابًا فيما زعموا، فتقبل الناس موضوعاتهم ثقة منهم بهم، وركونا إليهم. ثم نهضت جهابذة الحديث بكشف عوارها ومحو عارها والحمد لله. وفيما روينا عن الإمام أبى بكر السمعانى أن بعض الكرّامية ذهب إلى جواز وضع الحديث فى باب الترغيب والترهيب ونحو ذلك فى كتاب (تدريب الراوى شرح تقريب النواوى للسيوطى طبعة المطبعة الخيرية سنة ١٣٠٧ ص ١٠٢) وقال النواوى فى الرد على ما نقل من الكرامية: "وهو خلاف إجماع المسلمين الذين يعتد بهم"