الكتاب المذكور، ج ١ ص ١٢٥ - ١٢٦)، وربما كان الشاعر قد رأى أن يعلى من قدر كافور، لا لشئ إلا أن هذا وعده بولاية صيداء (البديعى، ج ١، ١١٥) فلما لم تتحقق وعوده حاول أن ينال الحظوة عند قائد إخشيدى آخر هو أبو شجاع فاتك (البديعى، ج ١، ص ١٣١ - ١٣٢) ولكن أبا شجاع توفى عام ٣٥٠ هـ (٩٦٠ م) ولما تزل العلاقات متوترة بين المتنبى وكافور، ولذلك صمم أبو الطيب مرة أخرى على الفرار، وفى يوم عيد الأضحى من هذا العام ترك الفسطاط خفية بعد أن كتب هجاء فى كافور وعبر جزيرة العرب بعد أن قاسى المحن والأهوال (البديعى، ج ١، ص ١٣٩ - ١٤٠) فوصل إلى العراق وأمضى مدة من الزمن فى الكوفة، ثم استقر فى بغداد. وربما كان قد فكر فى أن يتصل بالمهلبى الوزير البويهى المعروف الذى جمع حوله حاشية ممتازة، ولكنه انصرف عن ذلك للعداء الذى أظهره له الشعراء والعلماء المقربون من هذا الوزير أمثال ابن الحجاج وأبى الفرج الأصفهانى صاحب "كتاب الأغانى". وألقى المتنبى هنا -كما بدأ يفعل وهو فى مصر من قبل (ابن الفرضى: تاريخ الأندلس، رقم ٤٥٣) - دروسا على زمرة من الصحاب، شرح لهم فيها اشعاره إلى ذلك الحين (الذهبى: تاريخ الإسلام، باريس رقم ١٥٨١، ورقة رقم ١٢٦٥) فقضى عام ٣٥٣ هـ (٩٦٤ م) على هذا النحو، وربما زار الشاعر الكوفة حوالى هذا العام (انظر Vita di -Mutnabi: F. Gabrieli ص ٦٠، تعليق ٤). ومهما يكن من شئ فإن المتنبى نزح عن العراق عام ٣٥٤ هـ (٩٦٥ م) وذهب عن طريق الأهواز إلى أرَّجان من أعمال خوزستان وهناك نال رضا الوزير البويهى ابن العميد وخصه ببعض مدائحه (الواحدى، ص ٧٤٠ - ٧٤١؛ اليازجى، ص ٥٦٤ - ٥٦٥) ثم. ترك ابن العميد وذهب إلى شيراز بفارس واتصل هناك بالسلطان البويهى عضد الدولة الذى رغب فى أن يكون المتنبى من رجال بلاطه. وبعد أن امتدحه الشاعر بعدة قصائد تعتبر من غرر أشعاره ترك شيراز لأسباب غير واضحة، وربما لم يكن لهذا الرحيل من سبب سوى حنينه إلى وطنه (الواحدى، ص ٧٦٦، الأبيات ١ - ٣؛ اليازجى، ص