وهناك أمثلة كثيرة من الأمثلة الأخرى، فى البيان المغرب لابن عذارى). ولكن يبدو أنه ليس هناك اختلاف كبير بين نصفى العالم الإسلامى منذ العهد الذى يمكن فيه الحديث عن تفصيلات الوظيفة.
ثم أصبح من سمات المحتسب القديم التكامل فى عمله من حيث هو مراقب للسوق فى نطاق الواجب الأوسع مدى، وهو أساسًا واجب دينى، يفرض عليه الحفاظ على الانضباط اللائق للحياة الاجتماعية.
ولم يكن الفرق بين واجباته وواجبات القاضى ورئيس الشرطة محددا تحديدا دقيقا، والفارق بينها فى بعض الأمور، لا يرتبط بطبيعتها الجوهوية بمقدار ما يرتبط بالأسلوب الذى يمارسونه حيالها، كان القاضى يحكم فى القضايا التى تتعلق بشكوى قدمت إليه، ويقوم بتحقيق لاكتشاف الحقيقة، أما الشرطة فكانت تتدخل فى المخالفات والجرائم التى تتطلب قيام الشرطة بهذا العمل؛ على أن المحتسب كان لا يهتم إلا بالوقائع الواضحة التى لا نزاع فيها. وكان لا يقوم بتحقيق بل كان يتدخل من تلقاء نفسه، دون أن ينتظر تقديم شكوى إليه. وكانت المسائل التى يجب عليه أن يهتم بها قد تقررت بصفة عامة فى تاريخ قديم بعض الشئ بمقتضى عرف لم يكن يطرأ عليه أى تغيير حتى الوقت الحاضر؛ ولم تكن أية مسألة منها رسمية خالصة، لكن غنى عن القول أن الطريقة التى كان يؤدى بها بعض واجباته، بصرف النظر عن شئون السوق، كانت تتوقف كثيرا على الخلفية الاجتماعية وعلى خلقه الشخصى. وبصرف النظر عن السوق فإن هذه المسائل يمكن تقسيمها ثلاث مجموعات: على المحتسب أن يراقب أداء الفرائض الدينية (حضور صلاة الجماعة، والاستعمال اللائق للمساجد وصيانتها) والاحتشام فى السلوك بين الجنسين فى الشوارع (وفى الحمامات) وأخيرا تطبيق وسائل التمييز بين المسلمين والذميين. وتروى حوادث وقعت لمحتسبين شجعان كانوا ينقدون القضاة أنفسهم الذين أصدروا أحكامًا مخطئة أو ينكرون فقهاء ثبت تلقينهم الناس دروسا تخالف الإجماع.