السليمة والمنتجات المغشوشة فكان من الممكن مصادرتها، وكان المجرمون العائدون يمنعون من ممارسة حرفتهم بل يحكم عليهم بالنفى نفسه.
وفى نهاية العصور الوسطى، حدث مع التدهور الاقتصادى والأزمات الاجتماعية القائمة وقتذاك، أن هبط قدر وظيفة المحتسب. وفى عهد المماليك كان الحصول عليها، شأنها فى هذا شأن الوظائف الأخرى، يتم بأداء مبلغ من المال، كان مؤديه يستعيضه من التجار بأن يفرض عليهم ضرائب لا سند لها من الشريعة. وكثيرا ما كان يشتجر النزاع بين المرشحين للمنصب، وهناك مثال على ذلك مشهور هو الشجار الذى نشب بين المقريزى والعينى؛ وحدث أن منحت الوظيفة لأحد أفراد الطبقة العسكرية، بالمخالفة لجميع التقاليد، واستجابة لدواعى الارتزاق، وعدم مراعاة للكفاية المطلوبة.
وظل المحتسب موجودا فى الجزء الأكبر من العالم الإسلامى، حتى ظهرت اصلاحات العصر الحديث، وكان مثلا لا يزال موجودا فى مستهل القرن العشرين، فى مراكش وبخارى. ومنذ عهد السلاجقة فى البلاد الإيرانية التركية عامة وفى بلاد أخرى من حين إلى حين، كان يطلق على الوظيفة فى العادة اسم "احتساب"، واحتفظ باسم الحسبة مراعاة للفضيلة التى يجب أن يظهرها شاغل الوظيفة. وقد أخذ بها الشرق اللاتينى الذى استحدثته الحروب الصليبية، فى صورة محدودة غير دينية عرفت باسم Mathessep.
[المصادر]
المصادر والمؤلفات الحديثة التى تتناول الموضوع ورد ذكرها فى صلب المادة. وليست هناك دراسة عامة كاملة عن الموضوع برمته.
(١) المصنف الذى له مكان الصدارة ويغلب عليه الجانب الفقهى هو ما كتبه E. Tyan فى الفصل الأخير من كتابه Histoire de l'torganisation Judiciaire en Islam جـ ٢، سنة ١٩٤٣، مع عرض له بقلم كل من - M. Gaudefroy - De mombynes في Journal des Savants، سنة ١٩٤٧، و J. Shacht فى Orientalia ص ١٧ سنة ١٩٤٨، ص ٥١٨.