ابن الحباب واشتهر بأشعاره فى الغزل والخمر. ومّد عاب النقاد المتأخرون شعره فى هذا الباب ورموه بالضعف والمشاكلة لطبائع النساء (ابن قتيبة: الشعر، ص ٤٩٧) ولم يبق منه إلا قطع.
وكان أبو العتاهية -مثل الشعراء المطبوعين- يؤثر اللغة البسيطة والأوزان القصيرة، واشتهر أول ما اشتهر بقصيدة فى مدح المهدى نالت رضا المهدى بالرغم من هذه المآخذ التى خرجت بشعره عن خصائص الشعر القديم. وقد ساءت سمعته فى بغداد بما قاله من قصائد غزلية فى عتبة جارية ريَطة ابنة عم المهدى وكانت ترجو أن تلفت نظر الخليفة إليها ولكنها لم تكن تروم أن يدفع بها إلى رجل لا يملك شروى نقير. وقد عد الشاعر الخليفة مسؤولا عن خيبته فى نوال عتبة، وبدرت منه أبيات جانب فيها الحذر فخلد وأقصى إلى الكوفة. فلما توفى المهدى شفى غليله بأبيات يمكن أن تحمل على غير وجهها.
وعاد إلى بغداد فمدح الهادى مدحاً غليظًا ضايق خليفته الرشيد فالقاه فى السجن هو وصديقه إبراهيم الموصلى. ثم عفا عنه الرشيد ونال الحظوة عنده مرة أخرى وأخذ الشاعر يمتعه بقصائده فى الغزل، ثم تنكر للغزل فجأة وانصرف إلى الزهد (حوالى سنة ١٥٧ هـ). واستاء هارون أول الأمر من هذا التحول الذى طرأ على الشاعر، ولكنه رضى من بعد مستجيبًا إلى التماس الفضل بن الربيع، ولاريب أن بعض هذا الرضا يرجع إلى شهرة الشاعر عند الجماهير. ولنا أن نشك فى القول بأن رعاية الفضل له كانت تتصل بمؤامرته على البرامكة التى شاركت فيها الملكة زبيدة وأن قصائد أبى العتاهية الجديدة فى الزهد كانت توائم أغراضهما. ومهما يكن من شئ فإن أبا العتاهية دأب من يومها على النظم الغزير فى المواعظ القصيرة والطويلة مصوراً أهوال الموت التى تحل بالناس جميعا وخاصة الأغنياء وذوى السلطان ولا منجاة منها للخليفة نفسه, وقد عادت عليه قصائده فى هذا الباب بالنفع