عدم الاحترام عند تعرضه للمسائل الدينية، إلا أننا لا نجد فى هذا الكتاب أثراً للآراء الشديدة المروق التى يُعرف بها عادة أما مجموعة أشعاره الثانية "لزوم ما لا يلزم) فإنها تتميز بهذه الآراء. وتعرف هذه المجموعة عادة باسم "اللزوميات".
واللزوميات اسم يشير إلى الصعوبة الفنية التى التزمها فى القافية. ولقد بحث كريمر Von Kremer هذه المجموعة بحثاً تفصيلياً فى (Sitzungsber. d. phil hist. Classe d. Kias d. Wessensch ج ١١٧، القسم السادس، فينا سنة ١٨٨٩ م)، وقد طبع كذلك النص مع ترجمة لبعض مقطوعات هذه المجموعة. (Zeitschr. d. Deutsch Mor genl Gesellch ج ٢٩ - ٣١، ٣٨). وربما كان رأى كريمر فى هذه المجموعة فيه شئ من المبالغة. ولكن يجب أن نعترف بأن أبا العلاء قد ظهر فى هذه المجموعة بمظهر المفكر الجرئ المبتكر إلى حد عجيب، كما اثبت أنه رجل الأخلاق السامية. ولم يقنع أبو العلاء بإظهار النقائص الاجتماعية والسياسية فى جراة، بل جعل الحياة الإنسانية كلها موضوعا لبحثه، وأخذ يتأمل فى أعمق معضلاتها، وقد لا ننصف أبا العلاء إذا قارناه بأبى العتاهية الذى يشبهه من بعض الوجوه شبهاً ظاهراً. وقد تخلص أبو العلاء فى اللزوميات من قيود العقيدة التى كانت تقيد سلفه، وسما بنفسه إلى مستوى أعلى. ولأبى العلاء مؤلف آخر مشهور هو "رسالة الغفران" توجد منه مخطوطات فى الأستانة وكمبردج. وقد وصف هذه الرسالة كريمر Kremer وترجم جزءا منها (فى مجلة الجمعية الملكية الآسيوية عام ١٩٠٠ م، ص ٦٣٧ - ٧٢٠٠، عام ١٩٠٢ م، ص ٧٥ - ١٠١، ٣٣٧ - ٤٦٢، ٨١٣ - ٨٤٧). وهى رسالة كتبهما بأسلوب منمق وأهداها إلى رجل يدعى على بن منصور الحلبى، وقد عرض المؤلف الشعراء الزنادقة الذين غُفر لهم، ومن هنا اشتق اسم الرسالة، والذين رفعوا إلى الجنة، وهى مشهد حوادث القصة، على اعتبار أنهم الشخصيات