طرد الصليبيين إلى غير رجعة، ولكنهم أضاعوا هذه الفرصة بسبب التفوق البحرى الأوربى.
وكانت الصعوبات تعترض بوجه خاص استيلاء المماليك على الأبراج أو القلاع الصليبية المقامة في البحر وكانت مثل هذه المنشآت تقوم في مواجهة صيداء (القصر البحرى الشهير)، ومَرَقيَّة، واللاذقية وأياس (في خليج الإسكندرونة، وكانت ثمة أيضًا جزيرة أرواد الحصينة شمالى غرب طرابلس.
ولقد تركت إياس وأرواد حتى يتم طرد الصليبيين. أما قلعة صيداء البحرية فقد سلمت للمسلمين بلا قتال تقريبًا، حين فقد الصليبيون الأمل بعد استيلاء المسلمين على عكا (Deschamps جـ ١، ص ٦٤، ٧٣ - ٧٦، جـ ٢، ص ١٧، ١٨، ٢٢٧ - ٢٣٠، ٢٥٣ - ٢٥٤؛ Grous- set، جـ ٣، ص ٧٦٢، حاشية ٢؛ prawer جـ ٢، ص ٤٩٨، ٥٤٤). وبالنسبة لمَرقيِّة، كان "الحصن أو البرج" الذى يتحكم في مدخل مينائها هو حصنها الأساسى. ذلك أنها كانت قائمة في البحر على قيد مرمى قوسين من الساحل، كما كانت منيعة التحصن. ولقد صرح السلطان قلاوون بأن حصار هذا الحصن أمر مستحيل لأنه قائم في البحر، ولأن المسلمين لا يملكون سفنًا تقطع عنه الامدادات، وتوقف أولئك الذين يريدون الدخول فيه أو الخروج منه (ابن عبد الظاهر: سيرة الملك المنصور، طبعة القاهرة، سنة ١٩٦١, ص ٨٨). ويفسر هذا القول ضعف البحرية المملوكية، ليس في حالة مرقية وحدها، بل في الحصارات الأخرى لتحصينات الفرنجة الساحلية. وثمة واقعة كاشفة وقعت في أثناء الاستيلاء على طرابلس هى: أن جماعة من الفرنجة لجأوا إلى جزيرة صغيرة هى سانت توهاس تقوم قبالة طرابلس، ولا يمكن بلوغها إلا بالسفن، ولكن "السعادة الأبدية للمسلمين" قد ساقت لهم جَزْرًا مكن المهاجمين من الوصول إليها سيرًا على الأقدام ممتطين صهوة الخيل، وأحاطوا بالفرنجة اللاجئين (ابن الفرات، جـ ٨، ص ١١٥ - ١٢١، ومن شاء رواية أخرى تؤيد هذه الواقعة وتختلف عنها بعض الاختلاف، فلينظر أبى الفدا، جـ ٤، ص ٢٣؛ وانظر Grous-