للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المؤمنين، وما يتعرضن له من غضب رسول الله [- صلى الله عليه وسلم -]، وما يجر إليه غضب الرسول من غضب الله وغضب ملائكته، بل لقد قيل: إن النبي [- صلى الله عليه وسلم -] طلق حفصة بنت عمر، بعد الذي كان من إفشائها ما وعدت أن تكتمه. وقد سرى الهمس بين المسلمين أن النبي [- صلى الله عليه وسلم -] مطلق أزواجه، وأزواجه خلال ذلك مضطربات نادمات أن دفعتهن الغيرة إلى إيذاء هذا الزوج الرفيق بهن، هو منهن الأخ والأب والأبن وكل ما في الحياة وما وراء الحياة. وجعل محمد [- صلى الله عليه وسلم -] يقضى أكثر وقته في خزانة له ذات مشربة، يجلس غلامه رباح على أسْكُفَّتها (عتبتها) ما أقام هو بالخزانة، ويرقى هو إليها على جذع من نخل هو الخشونة كل الخشونة.

وإنه لفى خزانته يوم أو في الشهر الذي نذر فيه هجر نسائه على التمام، وقد أقام المسلمون بالمسجد مطرقين ينكتون الحصى ويقولون: طلق رسول الله [- صلى الله عليه وسلم -] نساءه، ويأسون لذلك أسى يبدو على وجوههم واضحًا عميقًا، إذ قام عمر من بينهم فقصد إلى مقام النبي [- صلى الله عليه وسلم -] بخزانته، ونادى غلامه رباحًا كى يستأذن له على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ونظر إلى رباح يروم الجواب، فإذا رباح لا يقول شيئًا علامة أن النبيّ لم يأذن. فكرر عمر النداء، ولم يجب رباح مرة أخرى. فرفع عمر صوته قائلا: (يا رباح استأذن لى عندك على رسول الله [- صلى الله عليه وسلم -] فإنى أظنه ظن أنى جئت من أجل حفصة. "والله لئن أمرنى بضرب عنقها لأضربن عنقها". وأذن النبي [- صلى الله عليه وسلم -]، فدخل عمر فجلس ثم أجال بصره فيما حوله وبكى. قال محمد: ما يبكيك يا بن الخطاب؟ وكان الذي أبكاه هذا الحصير الذي رأى النبي [- صلى الله عليه وسلم -] مضطجعًا عليه وقد أثَرَّ في جنبه، والخزانة لا شيء فيها إلا قبضة من شعير ومثلها من قرظ وأفيق (جلد) معلق. فلما ذكر عمر ما يبكيه علَّمه محمد من وجوب الإعراض عن الدنيا ما ردَّ إليه طمأنينته، ثم قال عمر: يا رسول الله، ما يشق عليك من أمر النساء؟ إن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك. ثم انعكف يحدث