كان ابن عقيل مؤلفًا غزير الإنتاج خصب القريحة على نحو خاص (الذيل، جـ ١، ص ١٥٨) ومؤلفه الضخم "كتاب الفنون"، الذى لم يبق لنا منه سوى مجلد واحد، هو رسالة فى الأدب كان ابن الجوزى يرجع إليها كثيرًا. على أن كتبه الأخرى الأكثر تخصصًا ينبغى ألا تغيب عن ذاكرتنا: وهى "كتاب الفصول" المعروف كذلك باسم "كفاية المفتى" و"كتاب الإرشاد فى أصول الدين وهو رسالته الكبرى فى هذا الباب، و"كتاب الواضح فى أصول الفقه"، وأخيرًا "كتاب الانتصار لأهل الحديث" الذى يدل عنوانه دلالة ما بعدها من مزيد على المكانة التى رفع إليها هذا المؤلف دراسة الحديث - G.Mak Ibn Akil et la resurgence de l'Islam: disi) traditionaliste, PIFD, ١٩٦٢).
وفى القرن الذى سبق سقوط الخلافة سطعت فى تاريخ المذهب الحنبلى ثلاثة أسماء. أولهم الوزير ابن هبيرة المتوفى سنة ٥٦٠ هـ (١١٦٥ م) الذى تجول وهو بعد فى ريعان الشباب فى أسواق بغداد مع داع من دعاة الصوفية لحث أهلها على اتباع أحكام القرآن الكريم والسنة فى حياتهم. وكان للخليفة المقتفى الفضل فيما شغل ابن هبيرة من مناصب، فقد أقامه وزيرًا له. وثبته المستنجد (٥٥٥ - ٥٦٦ هـ = ١١٦٠ - ١١٧١ م) فى منصبه، وإن كان هذا الأمر لم يمر دون صعاب. وقد أسس ابن هبيرة سنة ٥٥٧ هـ فى حى باب البصرة مدرسة خصصت لتدريس الحديث والفقه على المذهب الحنبلى ووقف عليها مكتبته الخاصة ذات القيمة العظيمة. وقد قام برنامج ابن هبيرة السياسى على هدفين اثنين هما استعادة مكانة السنة واستعادة سلطان الخلافة. وأراد أن يوفق فى بغيته هذه، فسعى من ناحية إلى تحرير الخلافة من السيطرة السلجوقية وحث نور الدين على فتح مصر الفاطمية، كما جاهد من الناحية الأخرى لجمع كل أسر المذهب السنى حول العقيدة الحنبلية ومناهضة فكر الشيعة. وقد حوى مؤلفه "كتاب الإفصاح" بين دفتيه شرحًا لصحيحى البخارى ومسلم كما ضمنه رسالة فى الاختلاف (نشرت فى حلب سنة ١٩٢٨). والظاهر أن هذا