١٨٣٣ و ١٨٤٠ إحدى النتائج التاريخية الطبيعية لنمو قوة مصر السياسية، فما من مرة عظمت فيها هذه القوة إلا وضمت مصر إليها بلاد الشام. ولم تكن سياسة محمد على التي كانت ترمى إلى تقوية سلطانه بالتى تهم مصر كثيرا، لكن فتح السودان كان أنفع لها وأفيد لمستقبلها. ثم طرأ على مركز مصر الدولى تغيير ذو شأن في عام ١٨٤١، أي في آخر سنى ذلك العهد الذي اختتم بالفرمان الشاهانى الصادر في ٢ ربيع الثاني من عام ١٢٥٧ (٢٣ مايو سنة ١٨٤١) فقد كان يبدو في الظاهر أن مصر قد عادت كما كانت من قبل ولاية تابعة لتركيا؛ أما الحقيقة فهي أن تدخل أربع دول أوربية كبرى (ليس منهن فرنسا) في شئونها كان بداية عهد اعتمدت فيه هذه البلاد على دول أوربا بوجه عام وعلى إنكلترة بوجه خاص. وكان احتلال البريطانيين لعدن في شهر فبراير من عام ١٨٣٨ إيذانا بهذا التحول الجديد. وكان محمد علي طوال عهده يعلم هذا الأمر حق العلم (انظر Modern Egypt: Cromer جـ ١، ص ١٦) وقد ظل هو نفسه صديقا صدوقا لفرنسا وإن كانت هذه الصداقة لم تجده نفعا. على أنه قد استطاع مدة حكمه أن يحول دون كل تدخل خارجى في شئون مصر الداخلية، ومن أجل هذا كان يعارض على الدوام في حفر قناة في برزخ السويس.
أما السنوات الأخيرة من حكمه وكذلك حكم إبراهيم القصير الأمد فيدخلان هما وحكم عباس وسعيد وإسماعيل (في القسم الأخير من تاريخ مصر في القرن التاسع عشر. وفيه أخذت مصر تنفصل شيئًا فشيئًا عن الدولة العثمانية، وتقترب شيئا فشيئًا من دائرة السياسة الأوربية والاقتصاد الأوربى. وفي هذا العهد لم تتسع رقعة أملاكها إلا في الجنوب (الحرب الحبشية في عام ١٨٧٢ , والاستيلاء على سواكن ومصوع من الباب العالى سنة ١٨٦٥). وكانت علاقتها بتركيا في ذلك العهد ذات صبغة شخصية بحتة توجهها رغبة الخديويين في الحصول على امتيازات لهم من سلاطين آل عثمان نظير زيادة