زوال سلطان العرب إلا اسمها. وتتفق رواية ابن خلدون عن أصل الخلافة والغرض من هذا النظام مع ما ذكره الماوردى. فالخليفة هو نائب النبي وحامى الشريعة وعليه حفظ الدين وحكومة الدنيا. ويجب أن يكون من قريش وأن يكون متصفا بالشروط الأخرى التي ذكرها الماوردى. على أن ثمة فقهاء آخرين واجهوا الحقيقة بصراحة وهي أن القوة حلت محل النظر العقلى في العالم الإسلامي، ثم خرجت نظرية دستورية تبعًا لذلك. وخير من يمثل هؤلاء بدر الدين بن جماعة المتوفى عام ٧٣٣ هـ (١٣٣٣ م) فهو يقرر في كتابه "تحرير الأحكام في تدبير ملة الإِسلام" (. k.K.hofbibl فينا، ١٨٣ (أن الإِمام يلي منصبه إما بالانتخاب وإما بالقوة، وفي الحالة الثانية يجب أن تؤدى الطاعة للإمام الذي يصل إلى الإمامة بحد السيف. ويبرر هذا الاغتصاب الصالح العام ووحدة الجماعة الإِسلامية التي تتحقق على هذا النحو (ص ٧ - ٨). وثمة فئة أخرى من الفقهاء أهملوا كل هذه المحاولات التي قصد بها إلى تبرير ما توالى على التاريخ الإِسلامي من أحداث، وأقاموا مذهبهم على ما جاء في الحديث من أن الخلافة ثلاثون عاما فقط، أي إنها انتهت بوفاة على (انظر كنز العمال، جـ ٣، رقم ٣١٥٢) وتلك هي عقيدة النسفي المتوفى عام ٥٣٧ هـ الموافق ١١٤٢ م (انظر العقائد النسفية، طبعة Cureton لندن ١٨٤٣. ص ٤) وهي العقيدة التي أخذ بها الفقيه التركى العظيم إبراهيم جلبى المتوفي عام ١٥٤٩ والذي أصبح كتابه "ملتقى الأبحر" المصدر المعتمد للتشريع العثماني.
(ب) ويجعل فقهاء الشيعة الإمامة من أصول العقيدة، فهم يؤكدون شرعيتها ولا يحصرونها في قريش فحسب، بل يحددونها في آل على. والشيعة ما عدا الزيدية لا يقرون مبدأ الاختيار ويعتقدون أن النبي نفسه قد أقام عليًا خليفة له، وأن صفات على قد ورثها عنه ذريته الذين اختصهم الله من قبل بولاية هذا المنصب الجليل. ويقال