للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جميع المسلمين ما عداهم، وقال: إنه لا يحل لأصحابه المؤمنين أن يجيبوا أحدًا من غيرهم إلى الصلاة إذا دعاهم إليها، ولا أن يأكلوا من ذبائحهم، ولا أن يتزوجوا منهم، ولا يتوارث الخارجى وغيره، وهم مثل كفار العرب وعبدة الأوثان، لا يقبل منهم إلا الإِسلام أو السيف، ودارهم دار حرب، ويحل قتل أطفالهم ونسائهم، ولا تحل التِقيَّة (١). لأن الله يقول: {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً}، واستحل الغدر بمن خالفه، وكفر القعدة، أي الذين يقعدون عن القتال مع قدرتهم عليه، ولو كان هؤلاء القعدة على مذهبهم.

ومن فرقهم النجدات، أتباع نجدة عامر، وأهم تعاليمه التي انفرد بها أن المخطئ بعد أن يجتهد معذور، وأن الدين أمران: معرفة الله ومعرفة رسوله وماعدا ذلك فالناس معذورون بجهله إلى أن تقوم عليهم الحجة، ومن أداه اجتهاده إلى استحلال حرام أو تحريم حلال فهو معذور، وعظم جريمة الكذب على الزنا وشرب الخمر. ولنافع مع نجدة بن عامر مناقشات طويلة ممتعة حول هذه المبادئ (٢).

كذلك من أشهر فرقهم "الإِبَاضيَّة" نسبة إلى رئيسهم عبد الله بن إبَاض التميمي، ولا يزال أتباعه في المغرب وغيره إلى اليوم، وهم لم يغالوا في الحكم على مخالفيهم كالأزارقة، بل قالوا: يحل التزوج منهم، ويتوارث الخارجي وغيره، ونزعتهم أميل إلى المسالمة، فقالوا: لا يحل قتال غير الخوارج وسبيهم في السر غيْلَة، ولا يجوز قتالهم إلا بعد الدعوة وإقامة الحجة وإعلان القتال إلخ، وقد ظهر عبد الله بن إباض في النصف الثاني من القرن الأول للهجرة، وعاش أتباعه في أكثر أحوالهم مسالمين للخليفة.

وفرقة أخرى من فرقهم "الصُّفرْيه" أتباع زياد بن الأصفر، وهم لا يختلفون كثيرًا في تعاليمهم عن الأزارقة.

وهذه الفرق الأربع: الأزارقة والنجدات والإباضية والصفرية هي أشهر فرق الخوارج وأكثرها دورانا في الكتب.


(١) انظر معناها عند الكلام على الشيعة.
(٢) انظر: الجزء الثاني من الكامل للمبرد؛ وفي ص ٣٨٢ من الجزء الأول من ابن أبي الحديد.