للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"قبجاق" للسلطان الناصر، وكان قد استعمله غازان واليا من قبله. ونجت دمشق من غزوة المغول عام ٧٠٢ هـ (١٣٠٣ م) ولم يصبها من جراء ذلك إلا ذعر انتاب أهلها. ونحن نلاحظ فيما يتصل بالحياة العقلية للمدينة في ذلك العهد نشاط ابن تيمية الذي انتهت به آراؤه الحنبلية إلى الاصطدام بالحكومة.

وفي الفترة الثالثة من حكم الناصر، ظل تنكز والي دمشق الذي كان يتبعه نواب الشام جميعا، أميرا على الشام ربع قرن (٧١٢ - ٧٤٠ هـ = ١٣١٢ - ١٣٣٩ م) وكان سلطانه في الواقع مطلقًا. وقد أسس عام ٧١٧ هـ مسجد التنكزية في موضع دور الحربية الحالية وخلف سراى الحربية (المجلة الأسيوية، السلسلة التاسعة، جـ ٧، ص ٢٣٧ وما بعدها)؛ كما أسس عام ٧٣٩ هـ مدرسة لدرس التفسير والحديث (المجلة الأسيوية، السلسلة التاسعة، جـ ٣، ص ١٨٤) وأصلح الجدار الجنوبى الغربى المتهدم من الجامع الأموى، ويقال أَيضا إنه وسع الطرق، وبينما كان مشغولا بترميم ما أحدثته النيران في المدينة من تلف غضب عليه السلطان فقتل شر قتلة وهو سجين في الإسكندرية.

وأعقب عهدى الناصر وتنكز اللذين كانت ترفرف فيهما ألوية السلام على دمشق حكم سادته الفوضى والتنازع، واقتتل فيه الأمراء على السيادة. وعادت دمشق في السنوات ٧٥٣, ٧٦٢, ٧٩٠ هـ مسرحا لهذه الحروب. ونشبت عام ٧٩١ هـ (١٣٨٩ م) أمام أبواب المدينة الوقعة الحاسمة بين "منطاش" الوزير المطلق النفوذ وبرقوق السلطان المخلوع، وهي الوقعة التي استعاد بها هذا السلطان ملكه. وكان لابد لابنه فرج أن يسترجع المدينة عام ٨٠١ هـ (١٣٩٩ م) وعاد التنافس بين الأمراء مرة أخرى في عهد السلطان الفتى، ومن ثم وقعت بلاد الشام لقمة سائغة في فم تيمور. وعسكرت جنده في جمادى الأولى عام ٨٠٣ هـ (ديسمبر ١٤٠٠ م) أمام دمشق. وتقرر مصير الحملة، لما ترك فرج عسكره لفتنة نشبت بينهم، وفر إلى مصر، فاستسلمت المدينة وإن ظلت القلعة