دخول الانسان فى نفسه ووصوله إلى أن يشعر بنفسه، وليس هذا انعداما ولا فسادا. وقد سار الصوفية المتفكرون بين المسلمين فى هذا الاتجاه أبعد من ذلك بكثير.
ويقول كتاب أثولوجيا (ص ١٨ والصفحات التالية) إن الرجوع إلى الأصل أو إلى الوجود لا يمكن أن يكون إلا حالا للنفس لا للعقل، وذلك أن العقل يبقى على حال واحدة، وهو لا يتغير، فلا حاجة له بالرجوع إلى ذاته. والعقل والعاقل والمعقول كلها فى وجوده شئ واحد دائما. وإذا نسب إلى العقل فى كتاب العلل (طبعة Bardenhewer الفصل السادس، وقارن الفصل الرابع عشر) إنّه يرجع إلى ذاته فإن هذا لا يصح فهمه إلا على أنه عند ذلك يعقل ذاته عقلا لا ينقطع وإلى هذا الحد يمكن
القول بأن الآراء فى هبوط النفس ورجوعها إلى عالمها ليس بينها كبير اختلاف، فهى تعطينا عن حياة النفس فى البدن فكرة فيها تشاؤم ولكن لها تفسيرا فيه تفاؤل أيضا (أثولوجيا ص ١٠) ويلاحظ أنه منذ أيام أفلوطين صار كلام أفلاطون فى محاورة طيماوس (قارن ص ٢٨ والصفحات التالية) يُفَسَّر على نحو غير ما هو موجود فى محاورة فيدون وفيدروس وفى الجمهورية. ففى طيماوس أن الله خلق هذا العالم الجميل وهو بفضله العظيم قد هيأ فيه العقل والحياة (= النفس)، وهو لم يكتف بإرسال النفس الكلية إلى هذا العالم بل هو أرسل نفوسنا الجزئية أيضا لكى يبلغ العالم بذلك أكبر ما يمكن له من الكمال. وإذا
استطاعت النفس الجزئية أن تدرك العالم المحسوس على حقيقته، أعنى على أنه صورة للعالم المعقول، فلا يكون اتصالها بالعالم المحسوس شراً لها. لأن كلا العالمين من الله، وهو الخير المحض. أما السؤال الوحيد فهو: ما غاية النفس فى هذا العالم؟
وكتاب أثولوجيا (ص ٤٣ وما بعدها) يجيب عن هذا بأن اتحاد النفس بالبدن ليس الغاية القصوى للنفس الجزئية. ومهما يكن من شئ فإن