"فى البعث والنشور والقيامة"، وهذه مترادفات ثلاثة فى معنى البعث، وهو يؤوّل هنا تأويلا روحانيا، ولكن فى رسائل أخرى من رسائل إخوان الصفا (القسم الأول، الرسالة الثالثة، والقسم الثانى من الرسالة السابعة والعشرين إلى التاسعة والعشرين والقسم الرابع، الرسالة الثالثة والأربعين وما بعدها) شئ كثير فى الموضوع نفسه. ويذكر إخوان الصفا فى رسائلهم ذلك النص المشهور فى كتاب أثولوجيا، وهو المتعلق بالفناء الأفلاطينى (القسم الرابع، الرسالة الثانية، ص ٦٩ وما بعدها)، كما يذكرون "كتاب التفاحة" المنحول لأرسطو والمؤلف على مثال محاورة فيدون لأفلاطون (القسم الرابع، الرسالة الثانية، ص ١١٩). نعم قد يسلم إخوان الصفا أحياناً بقيمة الحياة فى هذه الدنيا، ولكن تأكيدهم لبؤس النفس الحائرة فى هذه الدنيا أشد من ذلك. وكثيراً ما يشيرون إلى أن النفوس الضعيفة لا تستطيع إسعاف نفسها، وإلى أنها محتاجة إلى للنصح والإرشاد من جانب الأنبياء والفلاسفة فى ظل حياة دينية اجتماعية، حتى يتسنى توجيه تلك النفوس فى الطريق الصحيح الذى ترجع منه إلى عالمها.
وأهم شئ هو المعرفة (Gnosis) ذلك أن العلم والحكمة للنفس كتناول الطعام والشراب للبدن (القسم الثانى، الرسالة
السابعة والعشرين، ص ٣١٣، وما بعدها). وإخوان الصفا، شأنهم شأن الرازى الطبيب والكندى الفيلسوف، وقد اختاروا سقراط كما صورته روايات اليونان المتأخرين، قدوتهم الأولى، لكنه ليس القدوة الوحيدة؛ ذلك أن النفوس الجزئية تحتاج فى رأيهم إلى فلاسفة وأنبياء كثيرين، وتحتاج أيضا إلى قادة أحياء (وهذه فى الجملة فكرة من العصر اليونانى المتأخر)، وبمعونتهم تسير النفس الخيرة الحكيمة إلى الاتحاد بالنفس الكلية، وبتوسطها تتحد بالعقل وبالله. واتحاد النفس الجزئية بالنفس الكلية هو القيامة الصغرى، أما القيامة الكبرى فهى تكون عندما تنفصل النفس الكلية عن المادة انفصالا