ولد أحمد فى رمضان سنة ٢٢٠ هـ (سبتمبر سنة ٨٥٥ م) وتلقى تدريبه العسكرى فى سامراء ثم درس العلوم الدينية من بعد فى طرسوس. ونال بفضل شجاعته الحظوة لدى الخليفة المستعين الذى اختار عند خلعه سنة ١٣٥ هـ (٨٦٦ م) أن يمضى إلى منفاه فى حراسة أحمد. ولم يكن لأحمد يد فيما حدث بعد من قتل المستعين، والراجح أن السبب فى ذلك أنه لم يدع إلى المشاركة فى هذا القتل. وأقطع الخليفة المعتز سنة ٣٥٤ هـ (٨٦٨ م) مصر القائد التركى باكباك الذى تزوج أرملة طولون، وأقيم أحمد نائبا لزوج أمه ودخل الفسطاط فى الثالث والعشرين من رمضان سنة ٢٥٤ هـ (١٥ سبتمبر سنة ٨٦٨ م).
وانشغل أحمد فى السنوات الأربع التالية بالسعى إلى انتزاع الإشراف على الإدارة من ابن المدبر ناظر المالية القوى البارع الذى ضاق المصريون بابتزازاته التى لا تطاق ومكره وجشعه فكرهوه، واشتجر النزاع بينهما إلى غايته بوساطة عملائهما وأقربائهما بسامراء فى الغالب، وانتهى بإقصاء ابن المدبر. ولما قتل باكباك أقطعت مصر "يرجوخ" الذى كان قد زوج بنتًا من بناته لأحمد بن طولون، وثبت أحمد فى منصبه نائبًا للوالى ووكل إليه حكم الإسكندرية وبرقة وغيرهما من نواحى الحدود التى كانت حتى ذلك الحين خارج سلطانه. وأمدت فتنة أماجور والى فلسطين أحمد بفرصة الحصول من الخليفة على تفويض بشراء عدد كبير من المماليك لإخضاع هذا المتمرد. صحيح أن هذه المهمة قد نيطت من بعد بغيره، إلا أن هذا الجيش السليم كان عماد سلطان ابن طولون، فقد أصبح لمصر للمرة الأولى قوة حربية كبيرة مستقلة عن الخلافة. واستطاع أحمد بفضل هداياه الكريمة أن ينال الحظوة لدى رجال البلاط العباسيين، ونجح فى إلغاء أمر أصدره الخليفة باستدعائه. وكان ابن طولون، وليس خليفة ابن المدبر، هو الذى وجه إليه الخليفة مطالبه بانصبة مصر فى تزويد خزائن مال الخلافة. ووكل الخليفة أمر القيام على الشئون المالية بمصر والتخوم الشمالية إلى أحمد حتى يستطيع أن ينتفع بهذه