للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تعارض عقائد الإسلام، واقتصر فى ذكر الزنادقة على الجهمية والقدرية. أما عن التكفير بمعناه الصحيح فهو يستعيض عنه بالكف المستمر عن معاشرة الزنادقة فى نطاق الجماعة: "ولا أحب الصلاة خلف أهل البدع، ولا الصلاة على من مات منهم" (كتاب السنة، ص ٣٥ - ٣٦).

الأخلاق: يسيطر التشدد فى المسائل الخلقية على مذهب ابن حنبل سيطرة تامة، فعنده أن غاية الأفعال هى غبادة الله. وهو يقرر بما يخالف المرجئة أن الإيمان "قول وعمل ونية وتمسك بالسنة" (كتاب السنة، ص ٣٤). ومن ثم فالإيمان "يزيد وينقص"، وهو يقتضى ارتباطا كاملا من المخلوق حتى أن أى مؤمن لا يستطيع أن يقرر شيئًا إلا على الاستثناء فيستدرك: "إن شاء الله". ونخرج من هذا بأن الإيمان ليس جملة من الشعائر وإنما هو يقتضى مجموعة معقدة من العقائد الخلقية، يقتضى: إخلاصًا تامًا فى عبادة الله، وإنكارًا للدنيا، وتهذيبًا للمشاعر، ونزعة إلى الزهد، وشجاعة أدبية تقوم على ترك ما تحب إلى ما تخشى (الفتوة)؛ وخشية لله، وعقلا متشككًا يتجنب الشبهات (المناقب، ص ١٩٤ - ٢٦٩). ومن ثم فإن عقيدة ابن حنبل ليس فيها شئ من الفيهقة التى تستمسك فى أمور الشرع بالحرفية.

العبادات والمعاملات: ليس المقام - هنا مقام التحليل المستفيض للأحكام الأصولية التى تكون "الفروع" عند ابن حنبل فى الميدانين اللذين يندرجان تحت هذه الفروع وهما العبادات والمعاملات أو العادات، ذلك أن العرض المنهجى لها الذى ورد فى المختصر للخرقى لم يزد على نقل آراء فريدة لابن حنبل وترتيب محدود لأرائه. ويصدق هذا على كتاب العمدة لابن قدامه، على قيمته بالنسبة لمن يريد أن يعرف شيئًا عن المذهب الحنبلى فى القرن السابع الهجرى الموافق الثالث عشر الميلادى (انظر Precis de droit d lbr Qudama، دمشق سنة ١٩٥٠ م).

ولكن ثمة قاعدة هامة جدًا أبرزها ابن تيمية، وهى فيما يبدو لنا تمثل الحنبلية الأولى: ما من شئ يمكن أن