الحروب وفقد فيها ابنه، وهو يؤكد لنا أنه أظهر فى تلك الحروب شجاعة نادرة (الديوان، ص ٢٧) وكم فى هذا الفخر من مبالغة؛ فلم يكن الأخطل من رجال الحرب، ذلك أنه فر من النزال الدموى يوم البِشْر وكان هو مثيره بإقذاعه فى الهجاء (القطامى ص ٢٣، س ٤٠، ٤٣). ولما تخلى عبد الملك بن مروان عن حمايته أنشد:
فإن لا تغيرها قريش بملكها ... يكن عن قريش مُسْتَمَاز ومَزْحَل
(الديوان، ص ١١) وهو بيت فيه ثورة لايدانيه إلا البيت الذى أعلن فيه الأخطل أن عبد الله بن سعيد بن العاص التغلبى الخامل الذكر أهل للإمارة، وكان هذا أخا لرجل حاول خلع الخليفة عبد الملك. على أن جرأة الأخطل لم تفقده رضا الخليفة. وكان الوليد الأول (ولم يكن شاعره عدىّ بن الرقاع متحمسًا فى إعجابه بالأخطل؛ انظر الأغانى، ج ٨، ص ١٧٩، ١٨٤) وإن قل حظه من الثقافة يظهر غيرة على الإسلام (الأغانى، ج ٧، ص ٦٩، س ٢). وقد احتكم بنو بكر وبنو تغلب إلى الأخطل -وكان النزاع قد نشب بينهما منذ رقت طويل (الديوان، طبعة سنة ١٩٠٥ م، ص ١٦١ - ١٦٢) - فنطق الأخطل بحكمه فى المسجد.
ولاشك أن الأخطل قد توفى قبل نهاية عهد الوليد بن عبد الملك، بينما يقول ابن عبد ربه (العقد الفريد، ج ١، ص ١٥٥، ج ٢، ص ٧٠). أن العمر قد امتد به إلى عهد عمر بن عبد العزيز، ولاشك فى أنه خدع فى ذلك بأبيات (الديوان، ص ٢٧٧ - ٢٧٨) قيلت قبل ولاية عمر. وإذا صح لنا أن نجعل وفاته حوالى عام ٦٤٠ م فإن الأخطل يكون قد بلغ عامه السبعين، وتكون حياته الشعرية قد دامت أربعين سنة تقريبًا. ولم يذكر له أحفاد.
المصادر:
(١) صالحانى: ديوان الأخطل، بيروت سنة ١٨٩١ - ١٨٩٢ م.
(٢) صالحانى: ديوان الأخطل، وهو صورة شمسية طبعت عن نسخة مخطوطة بغداد، بيروت سنة ١٩٠٥ م.
(٣) صالحانى: مجلة المشرق، سنة ١٩٠٤، ص ٤٧٥ وما بعدها.