المصدر المذكور، ص ٣٩٨ وما بعدها والمناقشات والبحوث التى أوردها رودوكاناكيس Studien: Rhodhokanokis، جـ ٢، ص ٧٨ وما بعدها مثلا الخ)، وما زالت الصهاريج التى بقيت من العصر الحميرى قائمة فى جنوب بلاد العرب إلى يومنا هذا.
وقد ألقت استكشافات هالفى ومشاهداته، وخاصة استكشافات كليزر ومشاهداته، ضوءًا جديدًا على هذه الحضارة منذ أن قام أرنو برحلته. والفضل فى بزوغ شمس هذه الحضارة راجع إلى صناعة بنى سبأ وتجارتهم وخاصة زراعة اللبان؛ وكانت الأرض تهيئ كل الأسباب التى تكفل زراعتها. وفى رواية الهمدانى (الجزيرة، ص ٥١، سطر ٨) أن اليمن كانت تسمى الخضراء نظرًا لوفرة أشجارها وفاكهتها ومحاصيلها (انظر ابن الفقيه: كتاب البلدان؛ المكتبة الجغرافية العربية، جـ ٥، ص ٢٤)، بل إننا نجد فى التكوين الطبيعى للبلاد تعليلا مقنعا كل الإقناع لما وصف به أغاثرخيدس سبأ من وفرة نباتها. واعتدال الطقس وطيب المناخ داخل اليمن وحضرموت ينبت خضرة يانعة على منحدرات التلال وفى الوديان، وتشهد روايات الرحالة المحدثين أيضا بخصب تربة اليمن وكذلك بالنقص الذى طرأ على غاباتها، ويستند المسعودى على المصادر الأقدم منه فيصف سبأ بأنها أكثر بقاع اليمن رخاء وخصبًا وهى غنية بحدائقها ومزارعها ومروجها ومناخها بديع (انظر كريمر المصدر المذكور ص ١٠ التعليق ١) ويتفق هذا الوصف تمام الاتفاق وما قاله أغاثرخيدس فى الإشادة بثروة سبأ.
وقد نوه الهمدانى بذلك الطقس الواحد الذى يسود إقليم صنعاء (Burgen: Muller، جـ ١، ص ٣٤٣) وقال كليزر وغيره من الرحالة إن جو النواحى الكثيرة الارتفاع فى اليمن معتدل يناسب الزرع.
ونجد فى نصوص التوراة التى مر بنا ذكرها والتى تقول إن بنى سبأ كانوا يصدرون اللبان والذهب والأحجار الكريمة إلى مصر وسورية مصداقًا لقول أغاثرخيدس إن بنى سبأ كانوا يزودون البطالمة والسوريين بالذهب، ويزودون الفينيقيين بالسلع