من تلقاء نفسها، ومن مختلف التركيبات العلمية؛ والسادس هو الاستعانة بخواص الأدوية والعطور المزيلة للعقل أو المسكرة، والسابع هو تعليق قلوب ضعفاء العقول بادعاء الساحر أنه قد عرف الاسم الأعظم وأن الجن يطيعونه؛ والثامن، هو السعى بالنميمة والتضريب. أما كلام كشاف اصطلاحات الفنون فى ذلك، وهو مؤلف حديث (ص ٦٤٨ - ٦٥٣) يعتمد على الرازى اعتمادًا كليا أو يكاد، فلم يذكر إلا أربعة الأنواع الأولى من السحر، ويقال أن المعتزلة أنكروها جميعا إلا النوع الرابع. وأما فى طبعة القاهرة لكتاب الرازى (ص ٤٣٤، س ٤ وما بعدها) فيقال أن المعتزلة أنكروا الكل إلا النوع الرابع والخامس والثامن. ونحن نتساءل ترى هل أنكروا النوعين الخامس والسابع؟
ونحن نجد أن ابن خلدون المتوفى فى سنة ٨٠٨ هـ (١٤٠٦ م) قد توسع أكثر وأكثر فى نظرة الرازى النفسية إلى السحر وزادها تبيانا حتى أصبحت تتفق أو تكاد والمذهب النفسى الحديث فى الأفعال التلقائية. ومن ثم فهو أول من تناول بالتفصيل الأساس العقلى للتطلع البلورى " Crystal Gazing" بلغة هى فى جوهرها لغة المحدثين (المقدمة، طبعة كاترمير, Quatremere جـ ١، ص ١٩١ - ١٩٥) ويجب أن نقرن أوصاف ابن خلدون وإيضاحاته فى ذلك ببحث Besterman: a study in the history, distribution, theory and Practice of scrying (لندن، ١٩٢٤ وبحث W.H.Worrel Ink Oil and Mirror Gazing Ceremonies in Modern Egypt (فى J.R.A.S جـ ٣٦، ص ٣٧ - ٥٣). وهكذا نجد أن ابن خلدون قد ذهب إلى أبعد مما ذهب اليه الرازى من حيث النوعين الثانى والثالث من السحر فى تقسيم الرازى. وكان ابن خلدون مسلمًا غيورًا متمسكًا بالقرآن والسنة، ومع ذلك فقد التزم التزامًا تاما ما خبره بنفسه، وعرف صنوفًا شتى من العرافين والسحرة وجربهم وسلم بعملهم، وشاهد فى منامه رؤى تبين له أنها صحيحة، كما كان مؤمنًا بكرامات الأولياء. على أنه لم يعرف قط جنًا أو ملائكةً بأشخاصهم، ولو أنه مضطرًا إلى التسليم بوجود