الجدى مالقيه سعدى من حظوة فى طول العالم الشرقى وعرضه قبل أن نقسو كثيرا فى الحكم على خلقه. ومهما يكن من شئ فإن سعدى قد كشف عن نفسه بكل ما فيها من إنسانية، وأرضى تماما ذوق الفرس فى سوق الحكم الأخلاقية فى صيغة أدبية، وهو ما عرف عنهم منذ أيام الجاهلية، أضف إلى هذا أن أسلوبه الرشيق وسهولة تعبيره ومعرفته كيف يبرز أشد الحكم الأخلاقية إملالا للنفس فى صورة طلية جذابة. وصفوة القول أن فنه كان وحده كفيلا بأن يكسبه إعجاب مواطنيه. وتعد "الخواتم" أقرب مصنفاته إلى الكمال، ولا يقدر المستشرقون "قصائده" العربية تقديرهم "للخواتم". وتتعاقب الأبيات العربية والفارسية فى ديوانه المسمى "الملمعات"، وقد كتب إحدى قصائده بست عشرة لغة ولهجة مختلفة (Bacher: فى Z.D.M.G، جـ ٣٠، ص ٨٩).
ويقرأ الناس فى إيران "ديوان" سعدى ويقدرونه أكثر من قراءتهم وتقديرهم لبوستان وكلستان (Browne: AYear amongst the Persians ص ٢٨١)، ولا يزال الكثيرون من الفرس إلى اليوم يحفظون عن ظهر قلب هذا الديوان أو ذاك. وقد نهج بعض شعراء الفرس نهج سعدى فى كتابة دواوين على غرار دواوينه. وذكر إتيه Ethe هذه الدواوين فى Grundriss der Iranischen Philogie, جـ ٣، ص ٢٩٧ وأشهر الدواوين التى حاكت "كلستان" هو ديوان "بهارستان" لمؤلفه جامى على أنه لم يبلغ ديوان منها ما بلغته دواوين سعدى.
وكان أثر سعدى خارج بلاد الفرس عظيما فى الأدبين الهندى والتركى، وقد طبعت آثاره كثيرا فى الهند بعد أن صدرت طبعة كلكته منها، واقترنت بعض هذد الطبعات بشروح لبعض أدباء الهند. وقد ترجم "كلستان" عدة مرات إلى الهندستانية، وأشهر هذه الترجمات ترجمة أفسوس (١٨٠٢). أما قول كارسان دى تاسى Garci de Tassy بأن سعدى كان بلا شك أول شاعر هندستانى فقول قد فند الآن تفنيدا تاما