للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد ورد الفعل "سَلَم" أول ما ورد فى السور المدنية وبخاصة الآية ٥٦ من سورة الأحزاب حيث أوصى بالصلاة والسلام على النبى، وكذلك الآيتين ٢٧، ٦١ من سورة النور.

وقد استقر الرأى بين المسلمين فى تاريخ متقدم جدا على أن تحية "السلام" كانت من شرائع الإسلام. على أن ذلك إنما يصدق فى حدود ما أوصى به القرآن الكريم فى سورة من السور المكية المتأخرة وسورتين من السور المدنية من اتباع هذه التحية: فقد أمر النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى الآية ٥٤ من سورة الأنعام: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ. .}؛ وجاء فى الآية ٢٧ من سورة النور: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا. . .}، وجاء مثل ذلك فى الآية ٦١ من السورة نفسها {. . . فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ. . .} (وثمة وصية من قبيل ذلك جاءت فى الآية ١٢ من الإصحاح العاشر من سفر متى، وفى الآية ٥ من الإصحاح العاشر من سفر لوقا)؛ وكذلك فى الآية ٨٨ (١) من سورة النساء حيث استعملت عبارة "حيًا" بصورة أعم، والرأى هنا أيضا أنها فى السلام. على أن كولدسيهر قد بيّن (Z.D.M.G، جـ ٤٦، ص ٢٢ وما بعدها) أن صيغة "سلام" كانت مستعملة بمعنى التحية قبل الإسلام واستشهد فى ذلك بأبيات من الشعر. أما العبارات العبرية والآرامية المرادفة لذلك وهى: "شالوم لكا" و"شلا لاك (لكون) " و"شلاما علاك" والتى ترجع إلى ما جرى به الاستعمال فى التوراة (سفر القضاة، الإصحاح ١٩، الآية ٢٠؛ سفر صموئيل الثانى، الإصحاح ١٨، الآية ٢٨؛ سفر دانيال، الإصحاح ١٠، الآية ١٩، سفر الأيام الأول، الإصحاح ١٢، الآية ١٩) فقد كانت أيضا مستعملة للتحية بين اليهود والنصارى (Gramm d.Jud-Palastin. Aramasch: Dalman, الطبعة الثانية، ليبسك، ١٩٠٥ م، ص ٢٤٤).


(١) رقم الآية فى المصحف العثمانى ٨٦. [مهدى علام]