النظريات الخاصة بالسلطنة وإذا تركنا كتب الحديث جانبا فإن المؤلفات العربية حتى نهاية القرن الرابع لا تعرف كلمة سلطان إلا بمعنى قوة الحكومة (نذكر من الأمثلة الكثيرة على ذلك: كتاب البلدان لليعقوبى، وكتاب فتوح مصر لابن عبد الحكم طبعة Torrey ص ١٨٣، وقد جاء فيه أن مقر سلطان إفريقية فى الأزمنة القديمة كان فى قرطاجنة؛ وكتاب ابن حوقل، ص ١٤٣ حيث قيل إن الموصل مقر السلطان وديوان الجزيرة) أو الشخص الذى تمثَّلت فيه فى وقت ما قوة الحكومة تمييزا له من الأمير الذى هو أقرب فى طبيعته إلى هذا اللقب. ونجد هذا المعنى الأخير الذى يعبر عنه فى بعض الأحيان تعبيرا أكمل من ذلك بقولهم "ذو السلطان" فى أوراق البردى المصرية المتقدمة التى ترجع إلى القرن الأول (انظر عن حاكم مصر كتاب Beitrage zur Geschichte Aegyptens: Becker ص ٩٠، تعليق رقم ٦).
وكان فى القرون التالية يطلق أحيانا على الخلفاء (أطلق على الخليفة المنصور فى خطبة من الخطب لقب سلطان اللَّه، الطبرى، جـ ٣، ص ٤٢٦). ويطلق على الخليفة الموفق لقب السلطان (الطبرى، جـ ٣، ص ١٨٩٤، وكذلك يطلق هذا اللقب على الخليفة القادر، الطبرى ص ٩٩٧؛ العتبى: كتابه المذكور، ص ٢٦٥). والحق إن هذا العرف الذى جرى بتسمية شخص بالكلمة التى تدل على مقامه لها ما يماثلها فى جميع اللغات (انظر مثلا عن اللغة التركية الرسمية H.Ritter فى Islamica جـ ٢، ص ٤٧٥). بل يلوح لنا أن الصيغة الأشورية "سلتان" كانت تطلق على الحكام الأجانب (وفقا لما ذكره Ravaisse فى Z.D.M.G جـ ٦٣، ص ٣٣٠). وقد ظل معنى القوة وقوة الحكومة باقيا فى المؤلفات العربية إلى وقتنا هذا.
وانتقال المعنى من تمثيل للسلطة السياسية غير المشخصة إلى لقب شخص تطور تطورا من العسير أن نتتبع مراحله. وقد ذكر الثقات الذين كتبوا بعد وقوع هذا التطور أقوالا لا يمكن أن نسلم بها على علاتها، مثال ذلك أن ابن خلدون (Prolegomena,