للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلامية ولا هى بالفكرة التى جاءت عفو الخاطر. وإذا كان من الطبيعى أن تجتذب فعال منشئ الدين الجديد وأقواله على الفور اهتمام معاصريه وتلصق بذاكرتهم ويزداد هذا الأثر فى نفوس المؤمنين به من أهل الجيل الثانى، وقد انصرف هذا الاهتمام إلى تثبيت سنن العبادة والشريعة المقررة جريًا على تقاليد النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- واقتداء به، كما انصرف إلى تخليد ذكر المغازى على غرار ما كان يفعل العرب فى الجاهلية، تلك المغازى التى اشترك فيها المسلمون تحت راية قائدهم الذى كان جل أتباعه ينظرون إليه نظرتهم إلى أمير (٢) * استطاع بفضل حكمته وشجاعته المؤيدين بروح من اللَّه، أن يحرز من آيات النصر أروعها وأعظمها أثرًا فى النفوس، وقد كان الحافز الأول إلى هذا الاهتمام هو الذى دفع القوم، كما نعلم، إلى إقامة السنة فى تلك الصورة المأثورة من الحديث المروى، وهذه الصورة وإن بدت على هيئة مجموعة من المعلومات تتعلق بحياته -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإنها فى الحق تختلف عن ذلك اختلافًا كبيرًا من حيث غرضها وطبيعتها. وكان الحافز الثانى بدوره هو السبب فى اهتمامهم بالقصص التى تتصل بحياة النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- فى المدينة وتحفل إلى حد كبير بالمغازى. فليست هذه المغازى إلا استمرارًا أو تطورا لأيام


= الشرع على أمور المغازى. كالمناسك على أمور الحج -الزيلعى: شرح الكنز جـ ٣: ٢٤, ط بولاق- تسمع هذا فتقدر معنى السير حين تتصل بالمغازى أو تكون معنى غالبا فيها، وإن أصل ذلك ما فيها من معنى السير- وأن مثل هذه الصلة بين السير والمغازى ليست مما يسهل فيه القول بتقرير هذا الاقتران، والتوصل منه إلى معنى خاص فى صورة الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] عند جل أتباعه، لو صحت له دعوى هذا الاقتران. وهو ما لا يسهل التسليم له به، بعد ما رأينا من افتراقهما فى مجموعات السنة القديمة والهامة، وبعد ما قرأنا من عدم اقترانهما أيضًا فى اصطلاح الفقهاء؛ وإن غلبة كلمة السير فى الشرع على أمور المغازى ليست لشئ فى معنى السيرة التى هى ترجمة الحياة. . وأن التعلق. يمثل هذا الاتصال حين يكون بين السير والمغازى لا يضئ من السبيل فى التعرف على أصل السيرة المركب. . وبالتالى لا يحقق شيئًا من الصورة التى يحاول الكاتب رسمها لمحمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] ومغازيه التى يريد أن يجعلها استمرارا وتطورا لأيام العرب فى الجاهلية. . وأعوذ باللَّه دائما مما عذت به أولا من الهمزات.
(*) تعليق هذا الهامش ٢ ضمن التعليق السابق (١).