للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصحابته وما يتصل بالشأن الذى كان لهؤلاء الصحابة فى تاريخ الإسلام قبل وفاة النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد فقدت السيرة بالواقدى هذه الوحدة التى سلكتها فى إطار التاريخ العام وربطتها به وأسبغها عليها ابن إسحق، وإن كان من المقطوع به أن الواقدى قد احتذى أيضًا حذو ابن اسحق فصنف "كتاب التاريخ والمبدأ والمغازى" (الفهرست ص ٩٨ فى آخرها) وهو قريب الشبه فى تأليفه بمجموعة من الرسائل المتفرقة أوسعها تلك الرسائل التى خصصها لحياة النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- العامة، وغزواته، ورسالته، والبعوث التى أوفدها أو أوفدت إليه. وإذا وازنا بين ابن اسحق والواقدى وجدنا أنه لا يميل إلى الشعر إلا قليلا، على أنه رزق موهبة عظيمة فى التاريخ, وإليه يرجع، كما نعلم، الفضل فى تناوله تناولا منهجيا، ثم إن الواقدى فى جمعه البيانات الخاصة بالصحابة فى الحديث قد أنشا بفضل ابن سعد الذى رتب المادة التى جمعها أستاذه وزاد عليها، فرعا من فروع البحث مكملا لعلم الحديث نما نموًا عجيبًا، ونعنى به علم الرجال، أى دراسة سيرة المحدثين ونقدهم.

وقد ظلت السيرة بعد الواقدى (ويعد هو وابن إسحق المصدر المنتظم لسلسلة من المؤرخين المتعاقبين تبدأ بالبلاذرى الذى نقل السيرة التى صنفها ابن إسحق برمتها تقريبًا فى كتابه أنساب الأشراف انظر (de Goeje فى Zeitschr der Deutsch Morgenl Ges, جـ ٣٨، ١٨٨٤ م، ص ٣٨٧ - ٣٩٠. بضع قرون لا يتناولها مؤلف من المؤلفات الجليلة الشأن (ونحن لا نعلم نسبيًا إلا القليل عن تلك المؤلفات التى خصصها المدائنى المؤرخ المشهور المتوفى سنة ٢٥٥ هـ للسيرة؛ انظر الفهرس ص ١٠١).

فقد اجتذبت "دلائل النبوة" و"الشمائل" التفات المؤرخين (انظر Die person Muhammads: Andrae ص ٥٧ وما بعدها) وهى فرع انبثق من السيرة لينمو ويزدهر مستقلا بنفسه، على حين ارتدت السيرة التاريخية إلى الكتب الكبيرة فى التاريخ العام، متمثلة بالطبرى ومتأثرة لخطاه بصفة عامة.