ويمكن أن نقول إن الشافعى كان ينهج منهج التوفيق فيقف موقفا وسطا بين البحث الحر فى الفقه والتقليد الذى أخذ به أهل عصره. ولم يقنع الشافعى بالعمل بالمادة الفقهية الميسورة بل أخذ فى كتابه الرسالة يستقصى أصول الفقه وطرائقه وهو يعد واضع علم أصول الفقه. ويختلف الشافعى عن الحنفية فى أنه سعى إلى وضع قواعد مقررة للقياس (كتاب الرسالة؛ القاهرة (١٣٢١ هـ, ص ٦٦, ٧٠)؛ على حين لم يكن ثمة ما يجعله يعنى بالاستحسان، ذلك أن الشافعية المتأخرين كانوا هم أول من استحدث هذا المبدأ (Goldziher: Zahiritern، ص ٢٠ وما بعدها، المؤلف نفسه فى EI جـ ٢، ص ١٠٩؛ Anfange und charakter des juristischen Denkens im Islam: Bergstrasser فى Isl ١٩٢٤ م، جـ ١٤، ص ٧٦, ٨٠ وما بعدها) ويمكن أن نميز فى حياة الشافعى فترتين منتجتين: فترة متقدمة (العراقية) وفترة متأخرة (المصرية)، ويقول الحاكم المتوفى سنة ٤٠٥ هـ ذلك، عن كتاب الرسالة (العسقلانى ص ٧٧) وهو الكتاب الذى لم يصل الينا إلا فى نسخته المتأخرة (طبعت فى القاهرة سنة ١٣٢١ هـ وغير ذلك من السنين) ونحن نلحظ أيضًا هاتين الفترتين واضحتين فى كثير من الأحوال فى كتاب الأم وفى الأقوال المختلفة للشافعية المتأخرين.
وقد نقل لنا تلميذه الربيع بن سليمان المتوفى سنة ٢٧٠ هـ (٨٨٤ م) كتابات الشافعى التى يستخدم فيها الحوار ببراعة المتمكن ولا يذكر عادة أسماء مناظريه ونجد ثبتًا بها فى الفهرست (ص ٢١٠) وآخر ذكره البيهقى المتوفى سنة ٤٥٨ هـ فيما نقله عنه العسقلانى (ص ٧٨) وثالثا فى ياقوت (إرشاد الأريب، ص ٣٩٦ - ٣٩٨)؛ ومعظم العناوين المذكورة فى هذه المصادر هى أجزاء من كتاب الأم الذى هو مجموعة من كتابات الشافعى (طبع فى القاهرة فى ٧ مجلدات، ١٣٢١ - ١٣٢٥. وقد نقل جزء من هذه الطبعة من مخطوط الفقيه الشافعى المشهور سراج الدين البلقينى) ومن المستبعد أن يكون عنوان هذه المجموعة قديمًا. فقد كان أول من ذكر فيما أعلم هو البيهقى (العسقلانى، ص ٧٨) والغزالى (الإحياء القاهرة ١٣٢٧ هـ؛ جـ ٢، ص ١٣١). ولم يذكر الكتاب