م) وسقطت دولة الحمدانيين (١٠٠٣/ ١٠٠٤ م) بعد أن تخلل عهدهم فترة قصيرة انتفض فيها العباسيون فى دمشق (٩٧٥ - ٩٧٧ م) ثم وقعت الشام فى يد أسرة علوية ظلت تحكمها أكثر من قرن (٩٧٧ - ١٠٩٨ م) وكانت هذه الأسرة إن شئت الدقة إسماعيلية هى دولة الفاطميين.
ودخل الفاطميون مصر، ثم فتحت جيوشهم الشام (٩٦٩ م) وغزوا فلسطين ودمشق دون أن يلقوا مقاومة تذكر. أما فى الوسط والشمال فيصعب علينا أن نحدد الصورة التى اتخذها الفتح المصرى فقد كان سلطان الفاطميين المباشر يفرض ما دامت جيوشهم تحتل الإقليم، فلما تركوه راح الأمراء المحليون يفعلون ما يحلو لهم دون أن يجاهروا بالخروج على نائب الخليفة فى القاهرة؛ ولم يستطع الحكم الفاطمى الاحتفاظ بكيانه فى الشام إلا بالدأب على صرف وكلائه الذين لم يجد بدًا من توليتهم مقاليد الأمر فيه، عن مناصبهم فأشاع بذلك الاضطراب وعدم الاستقرار فى تصريف الأمور فى هذا الإقليم. واضطر الفاطميون فى فلسطين إلى الارتكان على بنى الجرّاح. وقد انتحل هؤلاء الأمراء الطيئيون لأنفسهم السيادة المطردة على بدو الشام قرنا من الزمان وفى عهد الحاكم (٩٩٦ - ١٠٢٠ م) راح بنو الجراح يقيمون خليفة يناظر الخليفة الشرعى ثم يردونه إلى مكة من حيث أتوا به. وفى صور نجح ملآح فى أن ينادى بنفسه أميرًا مستقلا عليها ردحا من الزمن (٩٩٧ م).
واستغل الإمبراطور نقفور فوكاس (٩٦٣ - ٩٦٩ م) هذه الفوضى فغزا شمالى الشام. واستطاع خليفتاه زيمسكيس Tzimisces (٩٦٩ - ٩٧٦ م) وبازيل الثانى (٩٧٦ - ١٠٢٥ م) أن يفتحا فى يسر وادى نهر العاصى والساحل الفينيقى. ومن كل هذه الفتوح لم يستطع الروم أن يحتفظوا إلا بحكم دوقية أنطاكية نيفا وقرنا من الزمان. وقد ذكرنا آنفا الخليفة الحاكم الذى يربطه بنشأة الدروز علاقة وصلة، وتشاحن هذا الأمير مع المسيحيين فأمر بتدمير كنيسة القيامة بيت المقدس.