الطرافة أحيانا من حيث الأساس الذى تقوم عليه وهى تتعلق بـ: هل يجب غسل الشهيد؟ وهل يصلى عليه صلاة الجنازة؟ وهل يدفن فى ثيابه التى فيها دمه؟ ونحو ذلك من المسائل. وقد بحثت مرة مسألة ما إذا كانت الشهادة قد وقعت لهذه الحياة الدنيا أو للحياة الأخرى أو للحياتين معا، وذلك لأن الشهادة عمل خلقى فيكون الحكم عليه بحسب النية. ومن جهة أخرى يذكر أصناف الشهداء بالمعنى الواسع على اختلافهم، وهم مذكورون فيما يلى؛ ولا تعرض حالة الشهيد من الناحية القانونية الشرعية إذا كان بعد الموقعة قد عاش رغم جراحه واستطاع أن يرتب بعض أموره قبل أن يفارق الحياة. وأحيانا يشتمل كتاب الجهاد على فصول "فى فضل الشهداء". وفيها تعظيم للشهادة على نحو ما يوجد فى الحديث تماما.
وقد أدى تعظيم فضل الشهادة إلى شوق حقيقى لميتة الشهداء، وبحسب بعض الأحاديث أن كلا من النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وعمر رضى اللَّه عنه تمنى الشهادة، لكن علماء أهل السنة لا يحبذون بوجه من الوجوه هذا الطلب للشهادة، بل هم يحاربونه، وذلك لأنه، فى قول مقبول وذهب إليه فنسنك، يشبه الانتحار، والإسلام ينكر الانتحار دائما (١). ولذلك يعد القيام بالواجبات الخلقية السلمية كالشهادة بل خير، منها، مثل الصوم ودوام العبادة وقراءة القرآن وبر الوالدين والأمانة فى أخذ الخراج وطلب العلم، فهذه كلها أعمال "فى سبيل اللَّه"(وهذه العبارة قد تحولت، مع هدوء حروب الفتح والتوسع تدريجا، من الميدان الحربى إلى الميدان السلمى الخلقى كما تحولت كلمة شهيد) وهى يمكن أن تكون سبيلا لأن ينال بها الإنسان ما يناله الشهداء من الثواب [تأمل مثلا التمييز الذى ظهر فيما بعد بين الجهاد الأكبر، وهو جهاد النفس، والجهاد الأصغر الذى هو القتال فى سبيل اللَّه، انظر مجلة W.I مجلد ٣ (١٩١٦) ص ٢٠٠، الهامش - هيئة التحرير] على أن مفهوم الشهيد نفسه -وفى الأحاديث إلى حد ما- قد اتسع اتساعًا كبيرًا، حتى أن جمهور الناس