الثانى أبى المفتى أسعد أفندى أن يصدر فتوى يحلل فيها أن يقتل الأمير من العثمانيين أخاه.
ومن الأمثلة على الفتاوى من النوع الثانى الفتوى التى أصدرها أبو السعود فى إباحة شرب القهوة والفتوى التى أصدرها عبد اللَّه أفندى فى شأن إقامة مطبعة (فى سنة ١٧٢٧؛ انظر Stambuler Buchwesen: Bahinger، ليبسك ١٩١٩، ص ٥)، والفتوى التى أصدرها أسعد أفندى بشرعية النظام الجديد الذى سنه سليم الثالث.
وكان المفتون يشاركون بفتاواهم أيضا فى التشريع السلطانى بالإفتاء بشرعية القوانين المختلفة (قانوننامه؛ مثل قانون سليمان الأول الذى صدق عليه جميعا أبو السعود؛ انظر: مللى تتبعلر مجموعة سى" ١٣٣١ م، جـ ١، العددين ١ و ٢). زد على ذلك أن العرف جرى بأن يستشار شيخ الإسلام فى جميع المسائل السياسية ذات الشأن. ومن ثم كان المفتون فى معظم الأحوال محمودى الأثر فى المسائل العامة، ولو أنهم كانوا بتدخلهم الشخصى يقاسون فى كثير من الأحيان من عسف السلطان. ويعزى تدهور الدولة العثمانية فى بعض الأحيان إلى روح الرجعية التى يتسم بها نظام مشيخة الإسلام. ومع ذلك فإن من الأمور الواجب ذكرها، أن المفتين بدوا أقل رجعية من معظم رجال الدين، واستطاعوا بتدخلهم الشخصى أن يمنعوا أحكاما تقوم على التعصب والتعسف (مثال ذلك؛ معارضة أبى السعود فى حمل جميع النصارى على الدخول فى الإسلام قهرًا وغصبًا). صحيح أن شيخ الإسلام فى الدولة العثمانية أيام القرنين التاسع عشر والعشرين لم يعد له الشأن السياسى المعهود، إلا أنه كان يلجأ فى بعض الأحيان إلى السلطة المأثورة لهذا المنصب حين تدعو السياسة إلى ذلك. مثل الذى حدث عند خلع السلطان عبد الحميد سنة ١٩٠٤. وإعلان الجهاد سنة ١٩١٤ والفتوى التى صدرت ضد الوطنيين فى أنقرة سنة ١٩٢٠. ولم تكن الفتوى التى صدرت سنة ١٩١٤ مقصورة على سياسة الدولة العثمانية