نستطيع أن نتجاوز كثير، هذه الملاحظة لأن السبل المتميزة المؤدية إلى المراجع لم تتبين بعد، ثم إنه مع وجود أصداء للنصرانية أيضًا لابد للإنسان أن يكتفى الآن بالملاحظة العامة، وهى أن الإسلام قد غلب على بلاد كانت من قبل نصرانية، وإن الكثيرين ممن اعتنقوه كان أجدادهم نصارى. وأعم من ذلك، وإن لم يكن أقل أهمية، أن نلاحظ أن دوافع دينية خصيبة جدا مثل آلام الشهداء، والقول بالحلول، لا يمكن أن تزول بظهور دين جديد كالإسلام.
وبدأت أقدام الفرق القائمة برأسها تتوطد فى النصف الثانى من القرن الثالث للهجرة (التاسع الميلادى)، وكان أقدم ما تبيناه من شواهد على ذلك عند الزيدية، فقد تخير القاسم بن إبراهيم ابن طباطبا الرّسى المتوفى سنة ٢٤٦ هـ (٨٩٠ م)، وضع الأسس الاعتقادية والفقهية لإقامة دولة دينية تكفل بها حفيده يحيى بن الحسين فى اليمن سنة ٢٨٨ هـ (٩٠١ م)، وقد وجدت تعاليمه أيضا قبولا لدى الدولة الزيدية السابقة التى كانت قد ظهرت إلى حيز الوجود على بحر الخزر عام ٢٥٠ هـ (= ٨٦٤ م) وفى سنة ٢٩٧ هـ (٩٠٩ م) قامت دولة الفاطميين الإسماعيلية فى إفريقية، وفى هذه الأثناء احتلت طوائف من القرامطة مناطق صغيرة فى الشمال الشرقى لجزيرة العرب وفى جنوبها.
ونحن نحيل القارئ فى شأن الفرق الفرعية إلى المواد الخاصة بكل منها فى هذه الدئرة، ولكننا لا نجد مناصا من أن نتناول فى شئ من التفصيل الفرع الأكبر، وهم الإمامية أو الإثنا عشرية، الذين يخطرون على البال عادة عند ذكر الشيعة على الإطلاق، وهم من حيث العدد أيضا يؤلفون غالبية الشيعة، ذلك أنهم ما بين أربعة وخمسة ملايين فارسى من الأتباع، (١) وينضم إليهم فيما عدا جماعات مشتتة فى أماكن متفرقة جماعات كبيرة فى العراق والهند. ومصنفاتهم التى لا تزال أقرب المصنفات تناولا لدى جميع الشيعة، هى بالنظر إلى الموقف الوسط الذى يقفه الإمامية أقرب السبل إلى معرفة المشكلات الشيعية.