أن المذنب لا يأمن العقوبة فى صفة الصبور كما يأمنها فى صفة الحليم". وقد جعل الحديث صبر اللَّه تعالى فوق كل صبر إذ قال النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]: "ما أحد أصبر على أذى سمعه من اللَّه يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم، (البخارى: كتاب التوحيد، باب ٣).
ونجد الصبر فى الحديث مذكورًا فى المحل الأول عند الكلام على المسائل العامة مثل:". . ومن يتصبّر يصبّره اللَّه وما أُعطى أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر"(البخارى: كتاب الزكاة، باب ٥٠: كتاب الرقاق، باب ٢٠؛ أحمد بن حنبل، جـ ٣، ص ٩٣)؛ ويطلق الصبر أيضا فى الحديث على الجلد فى الجهاد؛ فقد أتى رجل النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فقال: "أرأيت إن جاهدت بنفسى ومالى فقتلت صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر، أأدخل الجنة؟ قال: نعم، (أحمد بن حنبل، جـ ٣، ص ٣٢٥). ووردت كلمة الصبر فى مواضع أخرى من الحديث بمعنى الجلد، أى الصبر على السلطان أو الأمير: ". . . سترون بعدى أمورا تنكرونها. . . اصبروا حتى تلقونى على الحوض" (البخارى: الرقاق، باب ٥٣؛ كتاب الفتن، باب ٢؛ وانظر كتاب الأحكام، باب ٤؛ مسلم، كتاب الإمارة، حديث ٥٣، ٥٦ الخ). والغالب أن كلمة صبر فى هذا المقام معناها التسليم كما يتردد فى الحديث المتواتر: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى، أو أول صدمة، أو أول الصدمات، (البخارى: الجنائز، باب ٣٢، ٤٣؛ مسلم؛ كتاب الجنائز، باب ١٥؛ أبو داود: كتاب الجنائز، باب ٢٢ الخ).
ومما له دلالة، من نواحى أخرى أيضا، قصة المرأة المصابة بالصرع التى سألت النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] أن يدعو لها بالشفاء فقال: ". . . إن شئت صبرت ولك الجنة"(البخارى: المرضى، باب ٦؛ مسلم: البر والصلة، حديث ٥٤). وكثيرًا ما ترد كلمة صبر فى هذا المقام مقترنة بالكلمة الصحيحة الدالة على التسليم وهى الاحتساب (البخارى: الأيمان، باب ٩: مسلم: الجنائز، حديث ١١)، ويجب أن نقارن ذلك بالحديث القدسى التالى: ". . . إن اللَّه قال إذا ابتليت عبدى بحبيبتيه