للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التعليم بالأزهر، ولم يتناوله بالتطوير الذى يجعله يواكب العصر.

بدأت روح الإصلاح تدب فى الأزهر منذ عام (١٨٧٢ م) فى عصر الخديو إسماعيل؛ وكان يتولى مشيخة الأزهر يومئذ الشيخ محمد العباسى المهدي منذ عا م (١٨٧١ م). وهو أول من جمع بين الإفتاء ومشيخة الأزهر، ونال احترام الخديو إسماعيل، الذى كان يرجع إلى رأيه فى كل ما له علاقة بالشريعة الإسلامية. وقد بدأ على يده إصلاح نظام التعليم بالأزهر، فقد أنشأ نظاما للامتحان لتخريج العلماء والمدرسين فى سنة (١٨٧٢ م)، وألّف لهذا الغرض لجنة برياسته من ستة من كبار العلماء، اثنان منهم من الشافعية، وهما: الشيخ خليفة الصفتى، والشيخ أحمد شرف الدين المرصفى؛ واثنان من المالكية وهما: الشيخ أحمد الرفاعى، والشيخ أحمد الجيزاوى، واثنان من الحنفية وهما: الشيخ عبد الرحمن البحراوى، والشيخ عبد القادر الرافعي. وكانت مهمة هذه اللجنة امتحان المرشحين للعالمية فى مختلف العلوم المقررة، وإعطاء الناجحين منهم إجازة العالمية. بعد أن توفى الخديو توفيق، وجلس عباس حلمى الثانى على كرسى الخديوية فى عام (١٨٩٢ م) , وكان متبرما ضجراً من الإِنجليز، اتصل به الشيخ محمد عبده، وكان -بحكم تربيته فى الأزهر- يعرف أهميته الإسلامية العالمية، وكان أدرى الناس بمواطن الخلل فيه، فسعى إلى إصلاحه. وقد قال مرة لصديقه وتلميذه الشيخ محمد رشيد رضا: "إن إصلاح الأزهر أعظم خدمة للإسلام؛ فإن إصلاحه إصلاح لجميع المسلمين، وفساده فساد لهم، وإن أمامه عقبات وصعوبات من غفلة المشايخ ورسوخ العادات القديمة عندهم، وإن هذا الإصلاح لا يتم إلا فى زمن طويل، وإنه على الرغم من أن الإصلاح بدأ فى عصر إسماعيل، إلا أنه لم يحصل شئ يذكر حتى الآن, وإنه لا أمل فى خدمة الإسلام عن طريق السياسة دون التربية التى توحد قوى الأمة".

اتصل الإمام محمد عبده بالخديو الجديد، وأراد أن يعرض عليه خطة لإصلاح الأزهر. وكانت خطة الإمام