للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١١٧٣/ ٤ م)، وأنزلوا بحارتهم إلى البر، وما إن انقضت ثلاثة أيام حتى كانوا قد منوا بالهزيمة، وقتل معظمهم بمعاونة الجنود الذين كانوا قد أنفذوا لإمداد الحامية القوية، وظفر صلاح الدين بغنائم لا حصر لها، وكان الملك أمورى قد توفى أيضًا قبل ذلك بوقت قليل، ومن ثم أصبح صلاح الدين آمنا يتمتع بسلطان واسع، وبات يستطيع الانصراف كلية إلى أمنية حياته، وهى قتال الصليبيين، وبدأ بتوجيه التفاتة إلى الشام التى دعاه إليها أمراء دمشق سنة ٥٧٠ هـ (١١٧٤ م)، ووجد الحالة هناك لا تسر، إذ لم يكن بين المسلمين شخصية ذات إرادة تهديهم، ولذلك وجد بحق، كما وجد نور الدين من قبله حين تعرض لموقف مثل موقفه، أن الضرورة كل الضرورة تقتضيه أن يتولى السلطان الحقيقى فى الشام ولو إلى حين، لأنه كان قيلا من الأقيال التابعين للصالح إسماعيل الذى حاول أن يقيم من نفسه وصيا عليه، وجرت الأمور على غير ما يشتهى أول الأمر حين امتشق الحسام لقتال أمراء إسماعيل وزعم بأنه سيخلص إسماعيل منهم، بل إن حلب نفسها قاومته، كما قاومته حماه وحمص وبعلبك، وجاء الغازى عم إسماعيل من بلاد الجزيرة على رأس جيش عرمرم، مما جعل صلاح الدين مستعدا لأن يعقد صلحا فى مصلحة الملك الصالح إسماعيل، على أن شروطه لم تقبل، ومن ثم وجد صلاح الدين نفسه مكرها على القتال، وأعلن استقلاله وحذف اسم الصالح إسماعيل من الخطبة؛ وقد كان هذا القرار فى مصلحة صلاح الدين إذ منى العدو بهزيمة منكرة فى قرون حماة؛ على أن صلاح الدين أظهر تسامحا كبيرا، فقد ترك حلب فى حوزة إسماعيل، وكان لا يخشى منه أى ضرر وأقطع بعض أقاربه حماة وحمص وبعلبك وكانت قد استسلمت له استسلاما بلا قتال. وفى شهر ذى القعدة سنة ٥٧٠ هـ (مايو ١١٧٥ م) منحه الخليفة بناء على طلبه ولاية مصر والنوبة واليمن والمغرب، من مصر حتى طرابلس وفلسطين والشام الوسطى، ومن ثم اعتبر نفسه سلطانًا، كما يقرر أبو الفداء صراحة، وكذلك اعتبره معاصروه، على أنه لم يتخذ لنفسه هذا