اللقب بل سمى نفسه سلطان الإسلام والمسلمين، وقام الحزب الزنكى بمحاولة أخيرة لعزل صلاح الدين، وانتهت هذه المحاولة بعد بضعة معارك وحصار حلب للمرة الثالثة بصلح فى أواخر سنة ٥٧١ هـ (آخر يونية سنة ١١٧٦ م) وترك لصلاح الدين آخر الأمر الأراضى التى غزاها، ثم حاصر صلاح الدين بعدئذ حليفا لإسماعيل هو الشيخ سنان زعيم الحشاشين، أو شيخ الجبل كما كان يلقب فى قلعته بمسيد، وكان الشيخ سنان قد أنفذ رجاله الحشاشين لقتال صلاح الدين بضع مرات، على أن صلاح الدين لم يستطع الاستيلاء على مسيد، ذلك أن الحشاشين المتعصبين دافعوا عنها بعنف وقوة، فرفع صلاح الدين الحصار عنها وتلقى من سنان وعدًا بألا يعود لمهاجمته، ومن ثم تمكن من القضاء على هذا الخطر أيضًا وعاد إلى مصر.
وقد عد صلاح الدين بناء القلعة التى كان قد بدأها فى هذا العام عملا على جانب عظيم من الأهمية فى القاهرة؛ وفى جمادى الأولى سنة ٥٧٣ هـ (نوفمبر سنة ١١٧٧ م) قام فجأة بحملة سريعة على فلسطين وخرب المنطقة المحيطة بغزة وعسقلان، وقاومه الملك بلدوين الرابع Baldwin IV, بيد أنه اضطر إلى الانسحاب إزاء تفوق صلاح الدين الظاهر، ومن ثم تفرق جنود صلاح الدين وأعملوا يد السلب والنهب فى البلاد، على حين جمع بلدوين الداوية وكثيرا من الفرسان تحت إمرة راينالد Raynald صاحب الكرك، وظهر ثانية على مسرح القتال؛ ووجد صلاح الدين نفسه مضطرًا أول الأمر إلى أن يجمع جيشه الجرار، والتقى الجيشان جنوبى الرملة، وأظهر فرسان الداوية بسالة عظيمة فى القتال انتهت بهزيمة منكرة لجيش صلاح الدين فى غرة جمادى الآخرة سنة ٥٧٣ هـ (١١٧٧ م)، بالرغم من تفوقه، وكان النصر مفاجئا حتى ظن الصليبيون أنه تحقق بمعجزة، وقيل إن صلاح الدين نفسه أفلت من الأسر بشق الأنفس، ووقع فى الأسر ابن أخيه وغيره من القادة ورجال العلم الذين كانوا فى حاشيته؛ وأقيمت صلاة للشكر فى بيت المقدس تكريما لهذا النصر، وكان من آثار هذه الهزيمة أن