مدتها سبعة شهور مع بوهمند الثالث Bohemund III أمير أنطاكية؛ وعاد صلاح الدين فى غرة رمضان من العام نفسه إلى دمشق وصرف حلفاءه من لبلاد الجزيرة، ولكنه احتفظ بجنوده هو تحت السلاح رغبة منه فى الاستيلاء على صفد وكوكب والكرك والشوبك، وكانت الحملة طويلة الأجل ولكنها آتت ثمارها وانتهت فى غرة ذى القعدة سنة ٥٨٥ هـ (ديسمبر سنة ١١٨٩ م) بالاستيلاء على جميع هذه البلاد.
وعندما علم غريغورى الثامن Gregory VIII بالاستيلاء على بيت المقدس أعلن الحرب الصليبية، فلما توفى واصل كليمنت الثالث Clement III، جهوده؛ وتوقفت العداوات التى كانت قائمة بين ملوك أوروبا واتخذت الخطوات للتقريب بين فيليب الثانى philip II ملك فرنسا وريتشارد الأول Richard I ملك إنجلترا؛ وكانت أول نجدة أرسلها الصليبيون الجدد أسطولا أنفذه ويليام أمير صقلية. وقد حرر هذا الأسطول طرابلس فأصبحت بذلك دعامة لموانى فلسطين، وأخذت فرق أكبر وأصغر من هذه تفد من أوروبا إلى الأرض المقدسة وتنزل إلى البر فى صور، وقام الإمبراطور فريدريك الأول Frederick I بحرب صليبية على رأس جيش كبير جهز تجهيزا حسنا، وسلك طريقه إلى الأرض المقدسة عن طريق القسطنطينية بعد أن أنذر صلاح الدين، ومن غير طائل، بأن يسلمه بيت المقدس، ولم يستطع الإمبراطور إسحق Isaac صاحب القسطنطينية أن يمنعه من المرور، وكان هذا الإمبراطور قد عقد معاهدة مع صلاح الدين ثبت عدم جدواها، وشدت النجدات الجديدة من أزر الفرنجة فبدأوا حصار عكا فى الرابع عشر من رجب سنة ٥٨٥ هـ (٢٨ أغسطس سنة ١١٨٩ م) ويعد هذا الحصار من أعظم الأعمال العسكرية التى تمت فى القرون الوسطى؛ وكان صلاح الدين قد أسر الملك جى لوزينيان والكونت مونت فرّا Montferrat عند استيلائه على بيت المقدس، إلا أنه أطلق سراحهما تلبية لطلب الملكة سيبل Sybil فى تاريخ مبكر يرجع إلى جمادى الأولى سنة ٥٨٤ هـ (يوليو ١١٨٨ م)، بعد أن تعهدا بألا يمتشقا السلاح ضده