ولم يكتف أحمد بن طولون بإنشاء الجيش، بل عنى أيضًا بتعزيز الأسطول، وإقامة تحصينات ومحطات بحرية، وكان بعض السبب فى ذلك راجعا إلى رغبته فى التمكين لنفسه فى الشام حيث أقام قاعدة بحرية فى عكا (ياقوت: المعجم، جـ ٣، ص ٧٠٧ - ٧٠٨). وقد حافظ خلفاؤه على الأسطول، ولكنه دمر فى تّنيس على يد أسطول طرسوس بقيادة دميانه الذى صحب محمد بن سليمان فى حملة على الشام.
والتفصيلات الخاصة بالإصلاحات التى قام بها أحمد بن طولون فى الإدارة المالية لمصر أقرب إلى الغموض، وتردد جميع المصادر الأقوال التى تذكر أن مورد البلاد من الخراج الذى كان يدر فى عهد أسلافه ثمانمائة ألف دينار فقط، قد أرتفع فى نهاية عهده إلى أربعة ملايين وثلثمائة ألف دينار، وأن أحمد قد خلف من الأموال المدخرة المتراكمة ما يقدر بعشرة ملايين دينار. وقد تلقى بيت المال علاوة على الدخل الوارد من الخراج (وقد شمل الإيجار الذى كان يؤديه الأمراء عن ضياعهم) إيجار سنوى من الأملاك التى كانت تدار باسم صاحب إقطاع مصر، وكان آنئذ هو جعفر المفوض ابن الخليفة المعتمد ووارث عرشه (P.E.R.F, رقم ٨٣٦). وكانت إدارة هذه الأملاك هى شغل ديوان مستقل بذاته (ابن سعيد، ص ٦٧). والراجح أن تخريب الديوان بعد غزوة محمد الثانية قد جعل من المستحيل على الكتاب المتأخرين أن يزودنا بمعلومات مفصلة عن ذلك (المقريزى، جـ ١، ص ٣٢٥ , س ١٢). على أن الآراء متفقة على أن زيادة الدخل قد اقترنت بالقضاء على اعتداءات المحتالين وإقامة نظام للرقابة الشديدة على الأمراء والعمال القائمين على الأموال، وتم ذلك دون فرض أعباء جديدة على البلاد. وقد أدت هذه الإجراءات التى ساعد على نجاحها ما جاء به النيل من فيضانات عالية متعاقبة وصرف المبالغ التى كانت تستنزفها من قبل الجزية التى كانت تودى إلى بغداد فى خير مصر نفسها،