الإسلام وأقصى ما بلغه العلم فى زمانهم، فسبقوا بذلك الأرجاء الأقل ثقافة من العالم الإسلامى سبقاً أوسع خطى من أن يُلحق. والثانى أن الصراع والمنافسة السياسيين قد حرّفا -عن قصد فى كثير من الأحيان- مذهبهم وأظهراه فى صورة سيئة، كما يتبين لنا من الكتب التى أرَّخت للبدع.
المذهب الرسمى للفاطميين:
وهو يقوم على "ظاهر" وهو الشريعة، وباطن. أما الظاهر فهو صورة من الإسلام محافظة كل المحافظة تشبه من وجوه كثير شعائر الإثنى عشرية، ولكنها تتفق فى بعض المسائل مع مذهب أهل السنة. والاستمساك بالصلاة والصوم وكل ما قضت به الشريعة كان فرضا على الجميع:"لا باطن بلا ظاهر". ومما يستأهل الملاحظة أن كل من أرخوا للبدع قد أغفلوا هذه الناحية من المذهب الإسماعيلى كل الإغفال مؤثرين قصصهم هم.
و"الباطن" الذى كان فرضا على كل إسماعيلى يقوم على تأويل آيات من القرآن، وبعض الأحاديث، وعلى أحكام دينية قصد بها إثبات الأصل الإلهى للإمامة واقتصار حق القيام بها على الفاطميين. ومما يصح أن نشير إليه أن المثال الذى كانت الإسماعيلية تصبو إليه دائماً قوامه تلك الصورة من الدين التى توائم مستوى تعليم المؤمن وعقليته.
مذهب الباطن:
إن الطالب الذى تأثر بالقصص المألوفة التى ترمى المذهب الإسماعيلى الباطنى بالخروج الشديد على الدين والنزعات المناهضة للإسلام خليق بأن يخيب أمله خيبة مرة حين يقرأ أشد كتب الإسماعيلية إيغالا فى الباطن مثل "راحة العقل" لحميد الدين الكرمانى، وبعض "المجالس" الباطنية للمؤيد الشيرازى، و"كنز الولد" لإبراهيم الحامدى و"ذخيرة" على بن محمد بن الوليد، و"زهر المعانى" لعماد الدين إدريس وغيرها من الكتب. وهذه الكتب تثبت إثباتا لا يعتوره أى شك أن المبادئ الأساسية فى أرفع مذهب