للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باطنى كانت هى أركان الإسلام، ونعنى بها الإيمان الذى لا يتزعزع بوحدانية اللهَ وأن محمدا رسول الله، وأن القرآن الكريم منزل .. . إلخ وما من شك أيضًا فى أن مؤلفى هذه الكتب لم يكن لهم غرض سوى تطوير المبادئ الأولية للإسلام وصقلها وجعلها مقبولة جذابة لعقل الإنسان المثقف المتفحص المعقد الذى قطع شوطا طويلا أبعده عن عقلية العرب البسيطة فى القرن السادس الميلادى.

ومذهب الباطن يقوم على ركنين: الأول تأويل القرآن الكريم والشريعة الذى برع فيه القاضى النعمان وجعفر بن منصور اليمن. والثانى، وهو أهم من الأول بكثير، الحقائق أى ذلك المنهج الإسماعيلى فى الفلسفة والعلم الذى يتسق مع الدين ويكشف عما ينطوى عليه باطنه من أسرار.

وهذا المذهب ثمرة مُثلى للعقل الإسلامى فى القرن الرابع أو الخامس الهجرى (العاشر أو الحادى عشر الميلادى) وهو يشبه من عدة وجوه فلسفة الفارابى.

وأبرز عناصر المذهب الإسماعيلى هى الفلسفة الأفلاطونية الجديدة المستقاة على نحو غير مباشر من تاسوعات أفلوطين، أو من شراحه المتقدمين، ولكن من بعض النسخ المتأخرة التى زيفت إلى حد كبير واختلطت بمسائل مختلفة الأجناس. وقد حاولت الإسماعيلية -شأن بعض المذاهب النصرانية واليهودية- أن تجد فى الفلسفة الأفلوطينية حلا يوفق بين فكرة التوحيد واثنينية العالم الظاهر. وكان منهج العلم اليونانى القديم - الذى كان فى مكنة أفلوطين أن يبنى عليه مذهبه- قد تغير تغيراً كبيراً قبيل القرن العاشر، ذلك أن كثيراً من نظرياته كان قد نسى، وظلت كتب يونانية كثيرة مجهولة للمسلمين، كما أن كثيراً من الزيف كان شائعًا. ومن ثم فإن الفلسفة الطبيعية للإسماعيلية، بما فيها من أفكار عن العالم العضوى والعالم غير العضوى، وعلم النفس، وعلم الحياة وما إلى ذلك، كانت تعتمد إلى حد ما على أرسطو، كما يعتمد جزء منها على الفيثاغورية الجديدة وغير