للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القرآن القاطعة كذلك أن بعض آياته المتأخرة تنسخ ما قبلها "الناسخ والمنسوخ" (سورة البقرة، الآية ١٠٠، سورة النحل الآية ١٠٣ وما بعدها" Noldeke-Schwally الكتاب المذكور آنفا، جـ ٢، ص ٥٢ وما بعدها) وكان هم

المفسرين المتأخرين للتخلص من المتناقضات العديدة الواردة فى القرآن


فهو عالم بنسيانه، مغتفر له إياه، معوض له عما ينسى؛ فالآية على عكس ما يريد الأستاذ شاهدة -بفرض أن هذا تفسيرها وعلى كل هذا التنزل والتسليم - على عناية زائدة بمراقبة التبليغ، وإصلاح شأنه، فكيف جعلها الكاتب شاهد نسيان وتحريف! ! ! عن الآية الثانية فى آيتى الأعلى (٦ و ٧) قد فسر النسيان كذلك بمعنى ترك العمل، فالمعنى أنه لا يترك العمل إلا بما شاء الله ترك العمل به فينسخه- طبرى جـ ٣٠، ص ٩٨، وبهذا تخرج الآية من موضوع احتجاج الكاتب " وإن أبى إلا قصرها على معنى النسيان، فالاستثناء منه -إلا ما شاء الله- قد فسر بأنه استثناء غير حقيقى، وذلك لأوجه، منها:
١ - أن الاستثناء إنما هو لاظهار قدرة الله، وأن عدم نسيان الرسول [- صلى الله عليه وسلم -] منحة من الله له وتفضل يؤيده به، ولهذا المقام نظائر قرآنية، أريد فيها بيان قدرة الله، وعدم مشيئه الله وقوع الأمر المقدور، المؤثر على مهمة الرسول [- صلى الله عليه وسلم -] وشخصيته، صو آيتى ٨٦، ٨٧ من سورة الاسراء (١٧) ولئن شئنا لنذهبن بالذى أوحينا إليك، ثم لا تجد لك به علينا وكيلا، إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرًا " مع القطع بأن الله لم يشأ ذلك؛ ومثل آية ٦٥ من الزمر (٣٩) {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. ومحال أن يشرك النبى [- صلى الله عليه وسلم -]- الفخر، جـ ٦، ص ٥٢٧، ط بولاق، الأستاذ الامام: تفسير المنار جـ ١، ص ٤١٩.
٢ - أن هذا الاستثناء بالمشيئة قد استعمل فى أسلوب القرآن للدلالة على الثبوت والاستمرار فهو استثناء صلة فى الكلام وليس ثم بشئ أريد إخراجه؛ وشواهد هذا الأسلوب القرآنى قوله عن أهل النار {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} وقوله فى أهل الجنة {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} آيتا ١٠٧ و ١٠٨ من سورة هود (١١). ولعل منه كذلك قوله {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ} الأعراف (٧) آية ١٨٨ ويقول الطبرى -فى الموضع السابق -وقد عزا هذا الرأى فى الاستثناء إلى بعض أهل العربية- ولعله يريد الفراء كما سماه أبو حيان- "قال: وأنت قائل فى الكلام، لأعطينك كل ما سألت إلا ما شئت، وإلا أن أشاء أن أمنعك، والنية أن لا تمنعه ولا تشاء شيئًا، قال: وعلى هذا مجارى الايمان يستثنى فيها ونية الحالف اللمام". وأقول هنا- على شئ من الاستطراد: وقد حققت فى درس الأخلاق أن الاستثناء المطلوب فى آيتى ٢٢، ٢٣ من الكهف (١٨): {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ... } إنما معناه التاكيد وتقرير العزم، كما تشهد بذلك أوجه أصولية وأدبية ليس هنا موضع بيانها.
وقد أخذ الزمخشرى المعنى السابق فى تفسير الاستثناء فقال " .... والغرض نفى النسيان رأسًا كما يقول الرجل لصاحبه: أن سهيمى فيما أملك إلا فيما شاء الله، ولا يقصد استثناء شئ، وهو من استعمال القلة فى معنى النفى. وان لم يرتض الطبرى وأبو حيان هذا المعنى، فقد أيده الأستاذ الامام، بل اقتصر عليه فى تفسير سورة الأعلى، وإليه أميل، وقوته واضحة - أبو حيان: البحر، جـ ٨، ص ٤٥٩ - كشاف جـ ٢، ص ٥٣٨، تفسير المنار جـ ١، ص ٤١٩ - تفسير جزء عم، ص ٦٨
* * *

وهناك أوجه أخرى لا تنقصها القوة، لبيان أن