الإشارة إلى هذه الواقعة التى تعتبرها كتب السيرة حدثا مهما فى حياة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-].
وتتزايد الروايات فى المصادر عن أحداث السنوات الأخيرة التى قضاها محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى مكة وما حولها من القرى قبل هجرته إلى المدينة، وإن كانت الأغراض والمصالح اللاحقتين قد صبغتا الكثير من هذه الروايات. وقد ذكر عروة بن الزبير أن محمدا [-صلى اللَّه عليه وسلم-] نجح فى استمالة بعض رجال مكة البارزين (ومن بينهم عمر بن الخطاب) إلى رسالته وذلك بعد هجرة عدد من أتباعه إلى الحبشة. ومع ذلك يمكن القول بوجه عام إن محاولته الإصلاح الدينى فى بلدته قد فشلت. وعندما ماتت زوجه خديجة وعمه أبو طالب فى فترة زمنية قصيرة، زاد وضعه حرجًا. وقد كان بإمكانه أن يعزى نفسه بأنه أدى مهمته كنذير، وأن إرادة اللَّه هى التى حالت دون خلاص قومه {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} سورة يونس آية ٩٩، {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}، سورة الزخرف آية ٨٩. غير أن إحساسه بأنه هو الذى اختاره اللَّه لنشر الدعوة كان قد زاد تدريجيًا قوة إلى درجة أنه لم يستسلم [-صلى اللَّه عليه وسلم-] ولم يقبل أن يعيش خامل الذكر دون أن يدرك هدفه.
وقد حاول نشر دعوته فى الطائف، غير أن الروايات تذكر أن هذه المحاولة فشلت وعرّض نفسه أثناءها للخطر. وبعد رحلته إلى الطائف شمله رجل من مكة، هو مطعم بن عدى بحمايته حتى يأمن عند عودته إلى بلده، وهى قصة تؤكدها قصيدة لحسان بن ثابت.
وتذهب بعض كتب السيرة إلى أن قصة الإسراء الشهيرة حدثت خلال هذه الفترة العصيبة من حياة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-]. ويقص ابن سعد قصة المعراج ثم قصة الإسراء على أنهما حادثتان مستقلتان وقعتا بعد زيارة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] للطائف. بل إنه يذكر تاريخين محددين لهاتين الحادثتين، قائلا إن معراج النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] إلى السماء من موقع قرب الكعبة (بين مقام إبراهيم وزمزم) حدث