للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى ليلة السبت ٢٧ من رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهرًا، وإن الإسراء به ليلا من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس حدث فى "الليلة السابعة عشرة من شهر ربيع الأول السابق للهجرة. والمعروف أن الروايات المتأخرة تربط بين هاتين القصتين فى سياق واحد. وينبغى أن نذكر أيضا أن روايات أخرى فى كتب السيرة تنسب هذين الحدثين إلى تواريخ متباينة من حياة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] بعد تكليفه بالرسالة.

فابن هشام يذكر الإسراء أولا ثم المعراج ويقول إنهما حدثا قبل وفاة خديجة وأبى طالب. أما الطبرى فلا يورد غير قصة المعراج من المسجد الحرام بمكة إلى السماء الدنيا ثم طواف جبريل به فى كل من السموات السبع، قبل أن يصحبه إلى الجنة. ويذهب الطبرى إلى أن المعراج حدث قبل نهوض محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] بدعوة قومه إلى الإسلام. وبربط القصتين إحداهما بالأخرى قيل إن نهاية رحلة الإسراء كانت عند جبل المعبد بالقدس حيث أمَّ محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] الأنبياء [عليه السلام] قبله فى الصلاة، ثم عرج إلى السماء من عند نتوء صخرى عالٍ نجده اليوم فى قبة الصخرة الشهيرةً، ثم عاد جبريل ومحمد [عليهما السلام] إلى مكة وانتهت بعودتهما تلك الرحلة الليلية. وقد أدى ارتباط سيرة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] بجبل المعبد فى هذه القصة إلى أن أضحت القدس عند المسلمين ثالث المدن المقدسة بعد مكة والمدينة.

وقد ثابر محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى سعيه إلى العثور على ميدان جديد لنشاطه خارج مكة رغم استقباله السيئ فى الطائف. فقد تكون تجربة الإسراء والمعراج قد رفعت من معنوياته لو أنها كانت قد حدثت فى تلك الفترة حتى لو أنها كانت بالروح لا بالجسد.

وقد كانت تفد إلى مكة قبائل عديدة لحضور أسواق الربيع والخريف، وكذا لأداء شعائر الحج عند الكعبة، وهو ما هيأ لمحمد فرصا ممتازة كى يحاول العثور على موطن جديد لنفسه ولأتباعه. وبعد عدة مفاوضات فاشلة، وجد تربة طيبة لمطامحه فى بعض