مارا ببيروت، لإصدار النسخة العربية من المجلة، التى كان الأمل معقودا عليها لخلق تفاهم جديد بين الفصيلين الرئيسيين فى الدولة العثمانية، الأتراك والعرب، ولتكون ناطقة بلسان الحزب. وخاب أمل الرصافى، عندما علم بأن المحرر لم يستطع تدبير الدعم المالى اللازم لإصدار الجزء العربى، لذلك فقد رحل إلى "سالونيكا" ومن هناك سار محمود شوكت، قائد الجيش الثالث لمقدونيا بجيشه إلى إستانبول وخلع السلطان عبد الحميد الثانى فى ١٣ أبريل سنة ١٩٠٩ م، ومؤيديه برئاسة "درويش وحدتى" الذى كان قد تقلد السلطة فى ٣١ مارس ١٩٠٩ م. وفى قصيدته "رقية الصريع" هجا الرصافى الحكومة العثمانية لاستبدادها ووصفها بأنها ضد التقاليد الإسلامية ودعا إلى حكومة جمهورية من أجل تحقيق الحرية كما فى أوروبا. ووصف فى قصيدته (فى سيلانيك) مسيرة الثورة ورحلته مع الجيش إلى إستانبول ضد السلطان. وفى قصيدته "تموز الحرية" حيا الثورة التركية الفتية وعبر عن سعادته بالإطاحة بعبد الحميد.
وعند عودته إلى العراق، عبر بيروت استقبله الأدباء بترحيب جم وعلى رأسهم أمين الريحانى. وكان يعانى أيامها من ضائقة مالية ولكن لحسن حظه، فقد ساعده مالك المكتبة الأهلية بشراء ديوانه، وقام محيى الدين خياط بتنقيح قصائده وترتيبها، وكتابة المقدمة وكانت هذه الطبعة مثل تلك التى تلتها مليئة بالأخطاء المطبعية. وتحتوى طبعة دار العودة فى بيروت سنة ١٩٧٠ م على عدد أقل من الأخطاء، بيد أن الطبعة الجديدة، التى علق على حواشيها مصطفى على الرصافى صديقه الحميم ومريده، والصادرة فى أربعة أجزاء عن الحكومة العراقية فى بغداد سنة ١٩٧٤ م، وهى فقط الطبعة الكاملة والمرخصة، واستبعدت القصائد الجنسية للرصافى من كل الطبعات -فيما عدا قصيدته "بداعة لا خلاعة"- ولم تسمح السلطات العراقية بنشرها أبدا. ولم تتضمن الطبعات الأسبق العديد من الأبيات والقصائد التى تهاجم الملك فيصل الأول وحاشيته وتعارض وصاية عبد اللَّه ونورى السعيد وآخرين.