هذا سنوات قلائل ولكنه وزع املاكه بين أولاده الخمسة، فلما مات ٤٣٨ هـ خلفه فى سرقسطة ابنه أبو جعفر أحمد الأول بن سليمان بن هود الذى عرف بالمقتدر، وأمكنه التخلص من اخوته واحدا بعد الآخر، وكان بينه وبين أكبر إخواته يوسف صاحب لارده نضال عنيف استمر حتى آخر أيام حياته، وتمكن أبو جعفر المقتدر فى سنة ٤٥٣ هـ (= ١٠٦١ م) من السيطرة على "طرطوستة" فلما كانت سنة ٤٦٨ هـ طرد عليا بن مجاهد إقبال الدولة العامرى من "دانية" على ساحل البحر الأبيض المتوسط، كما أن استرداده قلعة بوبشترو الحصينة من أيدى الدمنذين وكانت قد وقعت فى أيديهم سنة ٥٤٦ هـ زاد من شهرته فى كافة أرجاء شبه الجزيرة، وعلى الرغم مما أشتهر به المقتدر من سفك دماء الكثيرين إلا أن دلك لم يمنع أن يظهر فى بلاطه رجال بارزون مثل أبى الوليد الباجى الذى كتب على لسان المقتدر رسالة يرد فيها على كتاب "راهب من فرنسا" يدعوه فيه لاعتناق المسيحية، كما ازدان بلاطه أيضا بابن عمار شاعر "شلب" الشهير الذى لجأ إلى سرقسطة من غضب ابن عباد صاحب "اشبيلية" عليه، وما "الجعفرية" الموجودون فى سرقسطة إلا بقايا من ذرية أبى جعفر المقتدر، ومن الأمور العجيبة أن هذا الحاكم القوى دفع الجزية فى بعض الأحيان للنصارى، أو كان يستظل بحماية نصارى الشمال، بل أنه قبل موته بقليل دعا إلى بلاطه "السيد" على أنه لما مات خلفه ابنه أبو عامر يوسف بن أحمد بن هود المؤتمن الذى ظل فى الحكم من سنة ٤٧٤ حتى ٤٧٨ هـ (= ١٠٨١ - ١٠٨٥ م) وكان طالب علم وله كتاب أو أكثر من كتاب فى الرياضيات كما يقول ابن خلدون والقفطى ويقال أن هذه الكتب نزلت منزلة الاعجاب من نفس موسى بن ميمون وتلميذه ابن عكنين.
وقد تولى بعد المؤتمن ولده أبو جعفر أحمد (الثانى) بن يوسف بن هود الذى سمى بسلفه سليمان بالمستعين باللَّه الذى اشتهر بنزعته الحربية ضد نصارى الشمال، وحدث فى سنة ٤٨٧ هـ (١٠٩٤ م) أن زحف العدو على