للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في تدوين مذكرات لكتابه بانتظام من عام ١١٩٠ إلى عام ١٢٢٦ - ١٢٢٧ هـ. أما الرواية الثانية فتذهب إلى أن المرادى -المؤرخ الدمشقي، وصاحب معجم في تراجم أعيان القرن الثاني عشر الهجرى (الثامن عشر الميلادي)، وهو "سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر" -كان الدافع الأكبر إلى تصنيف كتاب التاريخ في صورته الحالية. وقد طلب المرادى من محمد المرتضى الزبيدى صاحب تاج العروس، الذي عاش في مصر، أن يعاونه في تصنيف كتابه فلبى طلبه. ولقى المرتضى معاونة في أداء مهمته من تلميذه الجبرتى. فلما توفى المرتضى في شعبان عام ١٢٠٥ (أبريل عام ١٧٩١) طلب المرادى من الجبرتى أن يحل محل أستاذه بعد وفاته. على أن المرادى توفى في صفر عام ١٢٠٦ هـ (أكتوبر من العام الميلادي نفسه)، مما ثبط همة الجبرتى في متابعة جمعه مادة كتابه. ومع ذلك فإن دافعًا من نفس الجبرتى ("باعثا من نفسى"، كما يقول المؤلف)، دفعه إلى أن يستانف عمله، ويضيف تاريخ الأحداث التي وقعت "بترتيبها الحالى". ويتضح مما سبق أن الجبرتى طوال عمله للمرتضى والمرادى قد جمع مادة للتراجم فحسب، وأنه لم يبدأ أيضًا في جمع المادة التاريخية بمعنى الكلمة إلا بعد مرور وقت طويل على عام ١٢٠٦ هـ (١٧١٩ م) وهنالك قرر أن يستمر في عمله بمفرده، وهذا يفسر وجود النسبة الكبيرة جدًّا من التراجم في تاريخه كما يفسر أيضًا لم ركز الجبرتى على أحداث القرن الثاني عشر الهجرى (الثامن عشر الميلادي)، ذلك أن معجم التراجم للمرادى قد خصص لأعيان ذلك القرن نفسه. وعلى آية حال فإنه ليس من قبيل المصادفة المحض أن يسمى تاريخ الجبرتى باسم "التراجم والأخبار"، لأن التراجم تحتل المقام الأول على حين يحتل الخبر المحل الثاني. وهذه الحقيقة ذات مغزى كبير يضاف إلى ما سبق، إذا تذكرنا أن كتاب الجبرتى هو الوحيد، من دون تواريخ مصر العثمانية، الذي يضم تراجم في مصنف تاريخي. وقد ظهر في عهد سلاطين المماليك عدد وافر جدا من التراجم لا نظير له في أي بلد أو إقليم إسلامي آخر. وذوى هذا الضرب